"كورونا" تطفئ وهج "الميلاد" في بيت نصر الجلدة
تاريخ النشر : 2020-12-26 17:07

لن يكونَ بمقدور نصر الجلدة، وباقي المسيحيين في قطاع غزة، حضور "قُدّاس" أعياد الميلاد في الكنيسة هذا العام.

الكنيسةُ أعلنت التزامها بقرار "منع التجمّعات" في مواجهة الجائحة، لكن الغصّة تبدو كبيرةً في حلق الرجل الذي اكتفى بإضاءة شجرة الميلاد داخل منزله بحي الزيتون شرق مدينة غزة، "بعد أن قتلت "كورونا" فرحة عائلته بقدوم العيد" وفق وصفه.

ستكتفي الكنيسة ببث قُدّاس أعياد الميلاد مباشرةً عبر شبكة "الإنترنت"، لتُمكّنَ مسيحيي غزة من المشاركة فيها من داخل منازلهم، تمامًا كما سيحدث في "بيت لحم" مهد السيد المسيح في الضفة الغربية،

ستكتفي الكنيسة ببث قُدّاس أعياد الميلاد مباشرةً عبر شبكة "الإنترنت"، لتُمكّنَ مسيحيي غزة من المشاركة فيها من داخل منازلهم، تمامًا كما سيحدث في "بيت لحم" مهد السيد المسيح في الضفة الغربية، التي ألغت كل احتفالات عيد الميلاد، التزامًا بقرار السلطة الفلسطينية "منع التجمعات" أيضًا.  

يقول الجلدة: "بعد سنواتٍ من قهر الحصار الإسرائيلي، تأتي كورونا لتزيد همومنا، وتقتل هي الأخرى فرحتنا بالأعياد"، مضيفًا: "نحن مواطنون فلسطينيون، ينالنا ما ينال الجميع هنا، نتقاسم أفراحنا وأحزاننا،

ونتلقى ضربات المحتل معًا (..) لا الحصار، ولا الحرب، ولا حتى "كورونا" تفرق بين مسلم ومسيحي بغزة".

ويسكنُ في قطاع غزة (1313) مسيحيًا فقط، بحسب آخر إحصاءٍ أجرته "جمعية الشبان المسيحية" في عام 2014م، يعيشون وسط سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة، ويعانون أزمات عدة بفعل الحصار المفروض عليهم منذ منتصف العام 2007م.

وتفرض "إسرائيل" قيودًا شديدةً وصارمةً على حركة وتنقل الفلسطينيين خارج قطاع غزة، فالجلدة (61 عامًا)، ومنذ تسع سنواتٍ، ممنوعٌ من الحصول على تصريحٍ للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد ببيت لحم، إلا أن منعه هذا العام أشعره بمرارةٍ أشد، لأنه كان يُمني نفسه برؤية ابنته المقيمة في "رام الله"، وحفيده الذي وُلِد هناك ولم يره.

يكمل: "إسرائيل تتعمد كل عام أن تقتل فرحتنا بالعيد، وهاي هي (كورونا) زارتنا هذا العام، لتقضي على أي مظاهر وطقوس للفرح"، متساءلًا وقد اعترت صوته مسحة حزن: "ما قيمة العيد من غير القداس والاحتفالات داخل الكنيسة، والمشاركة في إضاءة الشجرة؟ ما قيمته من دون تبادل التهاني والزيارات مع الأهل والأصدقاء؟".

 الناشط في كنيسة "دير اللاتين" بغزة جورج أنطون: "الاحتفالات بالأعياد لهذا العام ستقتصر على رجال الدين المقيمين في الكنيسة،

وخلال العام الماضي، منحت "إسرائيل" زوجة الجلدة، واثنان من أبنائه تصاريح مرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز)، فيما منعته وابنه الثالث من ذلك، يقول بنبرة تخنقها العبرة: "كيف لأسرة مشتتة أن تفرح؟ ابنتي مقيمة في رام الله إلى جانب شقيقتي، وأخي مقيمٌ في يافا، ونحن في غزة، ولا نستطيع رؤية بعضنا منذ سنواتٍ طويلة، وكأننا نعيش في كواكب منعزلة عن بعضها البعض".

وقال الناشط في كنيسة "دير اللاتين" بغزة جورج أنطون: "الاحتفالات بالأعياد لهذا العام ستقتصر على رجال الدين المقيمين في الكنيسة، ولن يكون هناك أي تجمعات التزامًا بالإجراءات الوقائية"، متابعًا: "الكنيسة دائمة الحرص على حياة الإنسان، تحثُّ الجميع على الاحتفال في المنازل، وأن لا يكونوا سببًا في انتشار المرض".

وأضاف: "نأسف لوصول انتشار الوباء إلى هذه الحالة، لقد خطف الكثير من أرواح الأبرياء، وحرمَنَا من الاحتفاء بميلاد السيد المسيح، وممارسة طقوسنا الدينية في الأماكن التي وطأتها أقدامه".

وتشير إحصائيات وزارة الصحة في القطاع، إلى ارتفاعٍ كبير ومتنامٍ في أعداد المصابين بـ "كورونا"، ما حذا بها إلى اتخاذ تدابير مشددة.

يعقب أنطون: "المسيحيون هم جزءٌ أصيل من الشعب الفلسطيني، يعانون كما يعاني، ويفرحون إذا فرح، ليس لنا معاناة خاصة بنا، فأنا مواطن فلسطيني مقيم في غزة، وأحمل هويتها وهمومها، أعيش تحت الحرب، وأعاني من الحصار، ومن إجراءات "إسرائيل" التي تمارس كل أشكال القمع ضدنا من دون تمييزٍ في الدين، أو الجنس، أو اللون".

وأكمل بحرقة: "تنتهك (إسرائيل) حقوق مسيحيي غزة في ممارسة شعائرهم الدينية، والوصول إلى كنيسة المهد في بيت لحم، كما تعتدي على حق الأخوة المسلمين في الوصول إلى المسجد الأقصى في القدس"، يصمت قليلًا قبل أن يُكمل: "هذا انتهاكٌ صارخٌ للمواثيق الدولية التي كفلت للجميع حرية المعتقد واعتناق الدين وممارسة الشعائر".