قرار الضم.. رسائل "وحدة" هزيلة وواقع "انقسامٍ" مرير
تاريخ النشر : 2020-06-24 22:28

غزة:

تبقى أسبوعٌ واحد. رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيبدأ في تنفيذ خطة "الضم" التي يسعى من خلالها إلى السيطرة على (30%) من أراضي الضفة الغربية في الأغوار الفلسطينية، أما الفصائل فما زالت تهدد.

"جريمة الضم لن تمر" هي ملخص خطابات القيادات الرنانة التي –حتى اللحظة- لم تخطُ على الأرض مليمترًا واحدًا باتجاه تحقيق الوحدة الوطنية! لا يزال الانقسام سيد الموقف، رغم الدعوات إلى ضرورة وضع نقطة في نهاية السطر، لختام هذه القصة السيئة.

في مقابلةٍ مع "نوى"، تقول سهير خضر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: "إن قضية الضم تهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته، من الضروري أن نتكاتف خلف عملٍ وحدوي يعزز صمود شعبنا أمام هذا المشروع"، داعيةً طرفي الانقسام للوقوف في وجه قرارات الاحتلال والإدارة الأمريكية.

وأضافت: "الفصائل وضعت خطة متكاملة لبرنامج متسلسل موحد بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ترتكز على عدة مبادئ تم طرحها على الفصائل في غزة، ننتظر الرد من فصائل الضفة، فبدأ العمل بالخطة يجب أن يتم الإيعاز له بتوافق جماعي وخطوات موحدة".

وشددت خضر على أهمية الإعداد لحراكٍ شعبي واسع، يبدأ ضمن حلقة مركزية بؤرتها الضفة الغربية، ويمتد نحو قطاع غزة الذي عليه أن يكون صخرة إسناد نضالية، لتعزيز صمود أهالي الضفة، مناديةً بضرورة إطلاق العنان للمقاومة الفلسطينية بكل أشكالها "خصوصًا في الضفة الغربية" ذلك حتى يتسنى لها ردع الاحتلال عن خططه تجاه وأد القضية الفلسطينية بكافة الأشكال الممكنة.

خضر: مطلوب من القيادة الفلسطينية تطبيق القرارات التي أطلقها المجلسين الوطني والمركزي: سحب الاعتراف بالاحتلال

وأردفت تقول: "مطلوب من القيادة الفلسطينية تطبيق القرارات التي أطلقها المجلسين الوطني والمركزي: سحب الاعتراف بالاحتلال، ووقف الاتفاقيات الموقّعة معه فعلًا لا قولًا فقط، وكذلك إصلاح منظمة التحرير من خلال دعوة الرئيس لأمناء الفصائل جميعًا، لاجتماعٍ وطني موحد، بغية وضع استراتيجيةٍ بخطوط عريضة واضحة، وترجمتها وطنيًا من أجل التصدي للاحتلال وقراراته".

وركزت خضر على تكاملية الدور النضالي بين غزة والضفة، وما يمكن أن تؤديه غزة في عملية "الردع" من خلال استغلال أماكن التماس مع الاحتلال للضغط عليه "إذ أن خيار المقاومة المسلحة، لا يغيب أبدًا عن مشروعنا الوطني، لكن لكل مرحلة استحقاقاتها" تقول.

المتحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في قطاع غزة، إياد ناصر، وافق خضر الرأي بشدة، عندما بدأ حديثه مع "نوى" بقوله: "قرار الضم الذي يشرع نتنياهو في البدء فيه، وكذلك صفقة القرن، تتطلبان موقفًا وطنيًا حقيقيًا موحدًا، تُجمع عليه جميع الفصائل الفلسطينية، لمجابهة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الوجود الفلسطيني"، مشددًا على أهمية انخراط الجمع الفلسطيني تحت إطار قيادة الرئيس محمود عباس في مواجهة نتنياهو الذي يتهرب من قضايا الفساد.

هذا الواقع الخطير ألا يتطلب إنهاء الانقسام فورًا؟ "بالضبط" يجيب نصر على سؤال "نوى"، مضيفًا: "إن أي إنسان وطني حريص يدرك حجم مخاطر خطة كخطة الضم، عليه الذهاب مباشرة باتجاه الوحدة الوطنية، والنزول عن السقف الفصائلي حرصًا على مقدرات شعبنا، بالتالي وجب على الجميع الالتفاف حول القيادة الفلسطينية"، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني "لن يعدم الخيارات في مواجهة الاحتلال، وهو قادر دومًا على ابتكار أدواته النضالية، بما يتناسب مع القانون الدولي"، "شعبنا ذاهب بكل قواه وطاقته لمواجهة صفقة القرن وقرار الضم معًا" يزيد.

نصر: فتح" الآن بصدد إعادة ترميم العلاقة مع الفصائل الفلسطينية بقيادة أحمد حلس، خاصةً فصائل منظمة التحرير

لم ينف نصر، لكنه لم يؤكد أيضًا إمكانية اللجوء إلى الخَيار العسكري، فقط اكتفى بالقول: "هذا الحديث سابق لأوانه، شعبنا خاض مراحل نضالية طويلة، والاحتلال هو المعتدي، بالتالي فالقوى الشعبية والمقاومة ستتصدى لبرامجه التي يريد من خلالها إفشال مشروعنا الوطني أيًا كان الثمن".

حركة "فتح" الآن –والحديث لنصر- بصدد إعادة ترميم العلاقة مع الفصائل الفلسطينية بقيادة أحمد حلس، خاصةً فصائل منظمة التحرير، وتفتح ذراعيها لـ "حماس".

ويزيد على ذلك قوله: "دعونا نتجاوز كل حديث عن المصالحة، ونذهب إلى مواجهة الخصم الواحد وهو العدو الإسرائيلي، الذي يستهدف وجودنا وتاريخنا، دعونا نتفق على خطة وطنية نجابه بها قرار الاحتلال"، مستدركًا: "التواصل تم فعليًا مع فصائل منظمة التحرير في قطاع غزة، نؤمن بأن القطاع بوسعه المواجهة، وهو دومًا الشعلة الحية الفاعلة الداعمة للقضية (..) القطاع قادرٌ على ذلك من خلال المظاهرات السلمية، وأشكال المقاومة الفلسطينية المتعددة التي لا تتجاوز القانون الدولي".

الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بغزة، فوزي برهوم، أكد لـ "نوى" أن "قرار الضم" هو أخطر المراحل التي تمر بها القضية الفلسطينية، كونها تهدف إلى تصفية القضية، وكل حقوق الشعب الفلسطيني، وتستهدف وجود الفلسطيني الإنسان فوق أرضه، قائلًا: "أما التصدي للقرار فيقع على عاتق كل فصائل العمل الوطني والإسلامي، من خلال تدشين مرحلة نضالية حقوقية، تسخّرُ كل أدوات الكفاح والنضال، ضد مشروع نتنياهو لحماية حقوق شعبنا".

وأوضح برهوم، أن "حماس" أطلقت مطلع الشهر الجاري، حملة وطنية واسعة، بهدف التعبئة الشعبية، واستنفار الفصائل، وتسخير كافة الأدوات، والمؤسسات، والجماهير، لمواجهة المشروع، مؤكدًا تنسيقها مع الفصائل لمواصلة الحملة، والمشروع النضالي الكفاحي "وفق الأدوات المتاحة".

ودعا برهوم، السلطة الوطنية الفلسطينية، إلى إطلاق يد الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، ومقدساته "لا سيما، وأن قرار الضم يستهدف الضفة الغربية على وجه التحديد"، مشددًا على موقف "حماس" من الوحدة الوطنية منذ عام الانقسام 2007م، "كاستراتيجية وطنية".

برهوم: دشنا مرحلة جديدة من التعبئة  الوطنية والشعبية ضد هذا المشروع

وتابع: "اليوم نحن كفلسطينيين، أحوج ما نكون إلى واقع موحد قوي وفاعل، نستطيع من خلاله  مواجهة هذا التغول الصهيوني"، مبديًا جاهزية حركته لوحدة وطنية، تبنى على استراتيجية عمل فلسطيني موحد، مقاوم للاحتلال".

وحول خيارات قطاع غزة في حال البدء بتطبيق قرار الضم، أكمل: "القطاع جزء من الوطن، وحماس مكون أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني، لقد دشنا مرحلة جديدة من التعبئة  الوطنية والشعبية ضد هذا المشروع، بينما سنسخر كافة إمكانياتنا –يقصد حركة حماس- من أدوات ومؤسسات وجماهير وقيادات، من أجل إفشاله".

رغم عدم اتضاح تفاصيل خطة الضم التي أعلنها نتنياهو أواخر العام الماضي، إلا أنه –وفق آخر تصريحاته- ماضٍ نحوها بقوة، في المقابل، تستعد الفصائل الفلسطينية بخطة هلامية، ودعوات رنانة "نرجسية" لتحقيق المصالحة، دون مبادرة حقيقية لتحريك المياه الراكدة! تبقى أسبوع على الموعد الذي حدده نتنياهو لبدء تنفيذ الخطة، فهل يمكن للفصائل أن تجابه في وضعٍ كالذي هي عليه اليوم؟