المحرر "صرصور".. هكذا يُضحّي الاحتلال بحياة الأسرى
تاريخ النشر : 2020-04-18 20:21

غزة - شبكة نوى :

"السرعة في إجراءات الإفراج عني أثارت شكوكي واستغرابي، لقد اتخذوا كافة التدابير الوقائية المشددة أثناء تعاملهم معي"، بهذه البداية، استهلَّ الأسير المحرر نور الدين صرصور سرد حكاية اكتشافه إصابته بفايروس "كورونا"، الذي لم يكن يعلم أنه كان رفيقه طوال الطريق من سجون المحتل حتى أعتاب مدينته رام الله.

قوات الاحتلال الإسرائيلية، كانت اعتقلت الشاب العشريني من منزله في المدينة ذاتها، في الثامن عشر من آذار/ مارس الماضي، وأخضعته لتحقيقٍ تخلله تعذيبٌ نفسيٌ شديد (شتائم، وبصاق، وتقييد مستمر، وعزل في غرفة باردة مظلمة) ما جعله يتوقع أن تطول فترة اعتقاله، لكن إدارة مصلحة سجون المحتل فاجأته بالعكس!

المحرر صرصور: اكتشَفت سلطات الاحتلال إصابة أحد المحققين معي بـ "كورونا"، أجريتُ الفحوصات اللازمة، لكن لم يخبرنِ أحدُ بالنتيجة

في مداخلته عبر بثٍ تلفزيوني مشترك، نفذته ست فضائيات فلسطينية أمس، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، قال: "اكتشَفت سلطات الاحتلال إصابة أحد المحققين معي بـ "كورونا"، أجريتُ الفحوصات اللازمة، لكن لم يخبرنِ أحدُ بالنتيجة، بل تركوني أخالط الأسرى جميعًا، ثم أفرجوا عني فجأةً بعد ثلاثة أيام من الفحص".

وأضاف: "في يوم الإفراج عني، ساورتني الشكوك، جميعهم يرتدون ملابس الوقاية، إلا أنا (..) عملية الإفراج كلها لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة، وقد تمت بمنتهى اليُسر والسهولة"، ليتوجه بعدها إلى وزارة الصحة من أجل إجراء الفحص الطبي اللازم، فيكتشف هناك إصابته.

يتهم نور الدين سلطات الاحتلال، بإخفائها خبر إصابته، وتعريض الأسرى والمواطنين الفلسطينيين للخطر بتركه يخالطهم مدة 3 أيامٍ كاملة "بغرض نقل العدوى" كما يعبر.

عقب إقامته في فندق الكرمل مدة 17 يومًا، تماثل الأسير صرصور للشفاء، لكنه يخضع حاليًا للحجر الصحي المنزلي، ومدته 14 يومًا من أجل الاطمئنان على سلامته، بمتابعةٍ من الطب الوقائي.

جاء صوت الشاب ضعيفًا متقطعًا عندما بدأ حديثه عن ظروف الاعتقال ووضع الأسرى الذي وصفه بـ"الصعب جدًا" في ظل الخوف من الإصابة بالمرض المستجد، "الاحتلال لم يأخذ أي عينات من الأسرى داخل معتقل "عوفر"، رغم اكتشاف إصابة أحد المحققين، حتى أنا أخذوا مني عينتين ولم يخبروني بالنتيجة" يعلق، شارحًا حال السجون بقوله: "ليس لدى الأسرى أي مواد لتعقيم وتنظيف المكان، ولا كمامات، هناك صعوبة في الحركة بين الأقسام، حتى الطعام الذي يتم تقديمه لهم سيء جدًا ما دفعهم إلى إرجاعه مرارًا".

الواقع الذي يعانيه الأسرى، تسبب بقلقٍ عارم انتاب قلوب ذويهم الذين يتابعون أوضاعهم عبر مؤسسات حقوق الإنسان، "وهذا أماني سراحنة منسقة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني.

إقرأ/ي أيضًا: تُرى.. كيف يواجه الأسرى الفايروس المُخيف؟

وقالت سراحنة في اتصالٍ مع "نوى": "إن أوضاع الأسرى الآن صعبة على عدة صُعُد، أولًا مصيرهم المجهول في ظل انتشار "كورونا" وعزلهم الذي يُضاف إلى العزل الذي يعيشونه أصلًا بسبب وقف زيارات الأهل والمحامين، الأمر الذي أوجدَ صعوبةً شديدة في الاطمئنان عليهم ومعرفة ما يجري داخل السجون".

المخاوف على الأسرى باتت تتصاعد منذ إعلان الاحتلال إصابة عدد من المحققين وحجرهم، ما دفع بمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، إلى إطلاق نداءات عديدة، وإيصال مطالباتها للمنظمات الدولية والصليب الأحمر، بضرورة الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، بالإضافة إلى السماح لعائلات الأسرى بالتواصل معهم عبر الهواتف.

سراحنة: "في كل لحظة هناك تخوّفات على حياة الأسرى، خاصةً وأن إجراءات إدارات السجون كانت خارجية، وأقرب إلى العقابية

تضيف سراحنة: "في كل لحظة هناك تخوّفات على حياة الأسرى، خاصةً وأن إجراءات إدارات السجون كانت خارجية، وأقرب إلى العقابية، وليست وقائية كما تحاول "إسرائيل" الترويج، لا سيما وأنهم لم يتخذوا أي تدابير وقائية داخل الأقسام لحماية الأسرى من المرض"، نافيةً أخذ أي عينات لأي أسير، حتى أولئك الذين خالطوا زميلهم الأسير المحرر "لقد تم حجرهم مدة 14 يومًا، ثم إعادتهم إلى سجن عوفر وفحص درجة حرارتهم فقط".

أما عن التغذية (والحديث لسراحنة) فعوضًا عن قيام سلطات الاحتلال بتعزيز نوعية الغذاء الذي يقوّي جهاز المناعة، قامت بمنع 140 صنفًا من الأغذية المهمة، والمواد اللازمة للتعقيم والتنظيف، ما يوحي بعدم جدية الاحتلال في توفير حمايةٍ للأسرى، "قضية الأسرى –خصوصًا في الوقت الحالي- بحاجة إلى جهد على المستوى الرسمي لتحقيق المطالبات سالفة الذكر".

اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمعروف عنها أنها لا تفصح عن المعلومات التي تتوفر لديها بحكم طبيعة عمل اللجنة، كثفت من عملها مع الأسرى في المرحلة الحالية كما تؤكد مسؤولة الإعلام فيها سهير زقوت، التي قالت: "ليس لدى الصليب الأحمر أي معلومات بأن هناك أي إصابة بين المعتقلين الفلسطينيين".

تم توجيه نصائح لجميع السلطات على مستوى العالم -ومن ضمنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي- منذ بدء ازمة "كورونا" بضرورة "تحقيق التباعد الجسدي بين المعتقلين

وأوضحت أن زيارات المندوبين عن اللجنة للسجون، التي كانت تتم شهريًا أصبحت الآن أسبوعية، وقد تم توجيه نصائح لجميع السلطات على مستوى العالم -ومن ضمنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي- منذ بدء ازمة "كورونا" بضرورة "تحقيق التباعد الجسدي بين المعتقلين، وتقليل أعداد المحتجزين، والإفراج عن الأكثر ضعفًا مثل كبار السن، وأولئك الذين يعانون من أوضاع صحية صعبة".

وأعربت زقوت عن أمنيتها أن تستجيب سلطات الاحتلال لهذه النقاط، مضيفة: "هناك متابعة من قبل المندوبين لظروف الاحتجاز، وتوفّر مواد التنظيف، وهذا بالضرورة من ضمن متابعات مندوبي اللجنة، والحوار الثنائي الذي تعقده مع سلطات الاحتلال".

تتابع: "من واجب مندوب الصليب الأحمر، مراقبة أوضاع الاحتجاز، وما إذا كانت هناك إجراءات وقائية أم لا؟"، موضحة أن سلطات الاحتلال، وضعت إجراءات معينة مع بداية الجائحة، بتقليل الاحتكاك بالعالم الخارجي، وأوقفت برنامج الزيارات"، مستدركة: "مع العلم بأهميته للمعتقلين، إلا أن الحوار الجاري حاليًا، يتعلق بتوفير وسائل اتصال بديلة إلى أن تنتهي الأزمة".

وتشمل الإجراءات التي يطالب بها الصليب الأحمر، تقليل العاملين في السجون، ومتابعة الرعاية الطبية، متممة بالقول: "لو شعرت اللجنة أو مندوبها، بوجود ما يستدعي التدخل، سيكون هناك تدخل من طرفنا".