عائلة السواركة.. الغفوة الأخيرة
تاريخ النشر : 2019-11-14 19:58

تخشى سجى أن تغمض عينيها، فيغالبها النعاس وتغفو، فكثير من قصص الشهداء التي تسمعها عبر وسائل الإعلام، ناموا ولم يستيقظوا ثانية، هو النوم الأبدي الذي يخطف الأحبة جميعاً إذا ما كان رفيقاً بهم، ويترك بعضاً منهم إن كان أقل رفقاً.

رضيعة  لم تلفظ انفاسها الأخيرة، وجدت بأحضان شقيقها الشهيد، تعاملت معها طواقم الإسعاف واستطاعت أن تنقذها من موت محقق، بعد استهداف منزل عائلتها التي كانت تغط في النوم، بعد ساعات من الخوف، عاشها الأطفال مع تكرار سماع صوت الانفجارات هنا أوهناك

بعد محاولات حثيثة لإقناع الأطفال بالنوم، الذي يجافي أعينهم منذ بدء التصعيد على قطاع غزة، استسلمو لنوم عميق، بعد  اقناعهم بأن هدنة تقترب لتوقف الهجمات الاسرائيلية و تنهي كل هذا الخوف.

هي هدنة أبدية إذاً، تلك التي أخذت الأسرة بأكملها، ما بين شهيد وجريح  بعد  استهداف منزل يأوي أسرتين في منطقة البركة جنوب دير البلح يسكنه شقيقان من عائلة أبو ملحوس/السواركة.

أربعة انفجارات متتالية  ايقظ دويها سكان مدينة دير البلح وأفزعت سكان المدن المجاورة في ساعة مبكرة من فجر الرابع عشر من نوفمبر 2019، لكن هذه الانفجارات لم توقظ سالم أو مهند، أو حتى والديهما,

العائلة المكونة من 21 فرداً، انتشلت الطواقم الطبية من بينهم ثمانية شهداءـ فيما تمكنت من نقل 13مصاب، والشهداء هم ، رسمي سالم عودة السواركة، 45 عاماً، مريم سالم ناصر السواركة، 33 عاماً، يسرى محمد عواد السواركة، 39 عاماً، وسيم محمد سالم السواركة،13 عاماً، مهند رسمي سالم السواركة، 12 عاماً، معاذ محمد سالم السواركة،7 أعوام، فراس رسمي سالم السواركة، عامان، سالم رسمي سالم السواركة،3 أعوام، وبذلك يرتفع عدد شهداء التصعيد الذي بدأ بتنفيذ إسرائيل عملية اغتيال لأحد قادة سرايا القدس، بهاء أبو العطا والذي استشهد وزوجته فجر  الثاني عشر من نوفمر إلى 34 شهيد بينهم  ثمانية أطفال وثلاث نساء.

صغيرتي.. من سيروي لكِ الحكاية عندما تكبرين، وتعرفين أن والدتك وأسرتك بأكملها قضت بقصف إسرائيلي للعائلة وهي نائمة وآمنة؟.

كيف ستكبرين وتمر عليكِ الأيام والليالي الطوال بلا أب تستندين عليه، أو أخ تلعبين معه، وأم حرمتي النوم  بحضنها للأبد.

هو الاحتلال الذي لا يفرق بين بشر أو حجر، يستهدف الكل الفلسطيني، بلا أي رادع، فما الخطر الذي شكله هؤلاء الأطفال على أمن إسرائيل؟، و أي معركة تلك التي تدار في الخفاء، ويضرب فيها القوي الضعيف في حلكة الظلام؟ يتساءل عجوز يجلس على أنقاض المنزل  الذي كان.

لحظات ليس إلا، كانت الفارق بين الحياة والموت، بين الاستقرار والتشرد، بين السعادة والشقاء، لحظات حولت حياة أسرة بأكملها إلى عدم، ومن تبقى على قيد الحياة، مجرد أجساد هشة، لا تقوى على الحراك من شدة الألم بفقد الأحبة وإصابة الجسد، ومنزل سوي بالأرض وأصبح  أثر بعد عين.

المشهد الذي يتكرر منذ 11 عاماً في قطاع غزة، بيد البطش الإسرائيلية، يغذي القبور ويوسعها بابتسامات أطفال أبرياء، ونساء كن يتوشحن بالحناء لفرح قريب، لكنه ذاب في التراب، وتبدلت الأعراس بنعوش متحركة، تحمل الأحبة إلى غير رجعة، ولسان حال من بقي على قيد الحياة، من لنا بعد كل هذا الوجع!!