على خطى العالمية شاب من غزة يتحدى الجاذبيّة
تاريخ النشر : 2017-12-04 15:16

غزة _نوى:

"الهواية ليست سهلة فهي تعتمد على الصبر والدقة بشكل كبير والهدوء، قد لا تفلح من أول محاولة، لكن الإصرار على التحدي هو الدافع الأكبر الذي يقود الى النجاح والاستمرار" بهذه الكلمات بدى الشاب أحمد العوضي الملقب بـ "توماس" غزة  نسبة الى المخترع الأمريكي توماس إديسون  متحدثًا عن تجربته الأولى غزيًّا والسابعة عالميًّا، في تحدي الجاذبية.

بينما كان يتحدث الشاب لـ"نوى" بدأ بوضع كوب ماء فوق قطعة معدنية من النقود "خمسة شواكل" بشكل مائل لبرهة من الوقت دون أن تسقط أو تتحرك، قد يبدو أن ما تراه عيناك للوهلة الأولى خدع سحرية، لكن في الحقيقة هو فن تحدي للجاذبية يحاول فيها الشاب أحمد العوضي التوفيق بين ميل الكتل والأجسام على مستوى واحد بانسجام.

بدأت الفكرة للشاب ذو الثامنة عشر من عمره عندما كان يجلس أمام شاطئ البحر فهو المكان المفضل الذي يرتاد إليه باستمرار، في محاولة للاندماج مع الطبيعة.

يقلب بين يديه بعض من الأحجار الصغيرة الملقاة على الشاطئ، أخذ يرصها فوق بعضها البعض، فوجد أنه نجح في تجربته ولم تسقط الحجارة  بسرعة كما هو معتاد فمن الصعب على أي شخص أن يفعل ما قام به توماس الغزيّ، ولكن من الواضح أن سرعة البديهة التي يمتلكها دفعته لاكتشاف موهبته بشكل سريع.

يضيف لنوى أن تلك التجربة جاءت بالتزامن مع يوم ميلاده، الذي صادف الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي كان بداية الانطلاق لفنه، الذي يعتبر من أصعب الفنون وأغربها في العالم،  ولم يبدع فيه سوى عشرة أشخاص ليضع الشاب الغزيّ بصمته فيها.

بعد  نجاح تجربته الفنية من خلال الأحجار، قام أحمد بتكثيف البحث والتعليم عبر مواقع الإنترنت و اليوتيوب حتى أتقن العديد من الأشكال والمجسمات الفنيّة بشكل ممتاز، ولكن ليس بعد فهو ما زال ينقب عن ما هو جديد في سبيل تطوير قدراته.

لا يدع  توماس الغزيّ شيء يمر أمام عينيه دون التفكير في كيفية استثماره؛ لتكوين لوحة فنية قائمة على خدع تحدي الجاذبية، إذ يجد في موهبته تلك ملاذًا للتخلص من الضغوطات النفسية واستغلال وقت فراغه، وتغذية عقله بالإبداع.

وحسبما أفاد العوضي  أنه يفضل  ممارسة هذا الفن بوقت الصباح لأن جسم الإنسان في وقت المساء يفقد طاقه 40%.

لم يكتفِ الشاب الموهوب برص الأحجار، بل يستخدم النقود المعدنية، الأكواب الزجاجية الفارغة، وزجاجات العصائر، بشكل متوازن وكانت تستغرق مدة عمله في البداية 77 دقيقة ولكنه  الآن لا يتجاوز الـ15 دقيقة 30 حتى ينجز فنه بشكل مثير.

 قوبلت تلك الموهبة الغزيّة بالترحيب والتشجيع من قبل أهالي القطاع  لأنها تبدو غريبة فهم لم يعتادوا من ذي قبل على مشاهدتها في غزة وبدى عمله يدهش المارة  منهم خصوصًا على شاطئ البحر الذي يعتبره السكان متنفسهم الوحيد ويشهد حركة واسعة طيلة أيام السنة بسبب ما يعيشونه من ظروف حصار خانق.

بدت موهبة أحمد الذي يتحدى بها الجاذبية في الانتشار خلال مواقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبرها مساحة ينشر عبرها أعماله الفنية، حتى أبحرت في الفضاء الأزرق.

ورغم ضيق الأفق الذي يعيشه شباب قطاع غزة في مدينتهم الساحلية المغلقة؛ إلا أنهم لا يتفانوا عن البحث والإبداع فيجدوا فيه  طريقًا لتحقيق آمالهم وأحلامهم التي طالما أنهكها الحصار، وبات لتلك البقعة الجغرافية نصيب وافر من المواهب الملهمة.