شبان حاربوا البطالة بالورود
تاريخ النشر : 2017-11-21 14:01

غزة-نوى:

يتفنن الشاب ياسر الترك 24 عامًا بتجميع باقة الورود من زهر التوليت، الجوري، القرنفل والمرفقة بصندوق زخرفي، لتغليفها وإيصالها لأحد الزبائن الذي سيقدمها كهدية لصديق احتفالًا بتخرجه من الجامعة  كطريقة جديدة تحمل لمسات إبداعية.

في شارع الوحدة بمدينة غزة، بعيدًا عن ما يعيشه السكان من حياة ضبابية، يمكنك مشاهدة متجر بائع الورود المزين بأنواعها وألوانها المختلفة والتي يختارها العاملون فيها بتنسيق وعناية فائقة؛ يعمل لترك برفقة أشقائه الثلاثة وابن عمه داخل المتجر في المدينة التي ترتفع فيها نسبة البطالة، وبات من يبدع بإيجاد فرصة عمل قصة نجاح.

بدأت فكرة المشروع العام الماضي لدى فريق العمل على دراجة هوائية من خلال  "بائع الورد المتجول"، والتي كان يقوم بها أحد الأشقاء بعد انتهائه من دوامه المدرسي، متنقلًا على دراجة هوائية لبيع الورد للمواطنين بين شوارع غزة، ولم تكن هذه الثقافة معروفة لدى الناس من قبل، تطورت الفكرة الاقتصادية الصغيرة حتى تم إنشاء المتجر الوردي قبل شهر.

يقول الشاب ياسر: إنه تخرج من إحدى الجامعات الغزيّة بتخصص المحاسبة؛ لكنه لم يحصل على فرصة عمل، فجاءته فكرة بيع الورود بالبداية كتحدٍ لظروفه الاقتصادية، ولاقت إعجاب المواطنين نظرًا لانخفاض ثمنها وجمالها، في ظل ما يعانيه القطاع من ارتفاع نسب الفقر.

يضيف أنه بعد بيع الورود على الدراجة الهوائية توقف لفترة طويلة ثم حصل مع زملائه في العمل على منحة مالية لتطوير المشروع بشكل أكبر، ويقوم الفريق بتجهيز الهدايا للزبائن خلال خدمة التوصيل على الدرجات الهوائية ما يقلل كلفتها، كما يستثمرون التسويق لمنتجاتهم عبر مواقع الفيس بوك والانستجرام.

لكن تواجه الشباب صعوبات عند شراء زهور من أصحاب المزارع على المناطق الحدودية فهناك أنواع غير متوافرة، وتراجُع نسبة زراعته بسبب ما يتعرض له المزارعون في الأراضي الحدودية من انتهاكات من قبل قوات الاحتلال.

كما تسبب الحصار بمنع استيراد العديد من الشتلات الزراعية، المهمة التي يرغبها الزبائن وقرروا الاستعاضة عنها بالورود الاصطناعية نظرا لعدم توافر الطبيعي منها.

يذكر أن المساحة المخصصة لزراعة الزهور في غزة تقلصت من 500 دونم إلى 50 دونماً في الوقت الراهن.

  "الورد جميل، جميل الورد" بينما كان يشدوا بائع الورد في متجره بهذه الكلمات جاءت الشابة لينا الهندي وهى إحدى زبائن المتجر منبهرة بما يحتويه من أنواع وأشكال ورود جميلة، وتحف، تصميمات عصرية قائلة: "أحب اقتناء الورد، نحاول في قطاع غزة أن ننشر التفاؤل بيننا من خلال أبسط الأشياء، فوجود متجر لبيع الورود يدلل على مدى حبنا للحياة".

وتضيف أن الكثير من المناسبات يعيشها أبناء القطاع يختارون من باقات الورود هدايا، وهذا أسلوب جديد لم يكن متعارف عليه سابقًا وانتشرت ثقافته مؤخرًا.

وترغب الهندي بشراء باقة ورد منتقاه من ورود معينة وتحضيرها؛ لإرسالها لوالدتها بمناسبة عيد ميلادها، فهي ترى أنها من أجمل الهدايا المقدمة.

وتتميز أسعار باقات الورود في المتجر برمزية ثمنها،  بما يتناسب مع الوضع المعيشي لأهالي القطاع، ولم يكتف أصحاب الورود الى هناك فمازال للحلم بقية، فيطمحون لتوسيع مجال عملهم، وإنشاء شركة تضم أكبر أنواع من الورود، التي يرتاد على طلبها زبائنهم في قطاع غزة المحاصر.