"أورجانزا" ... غزيّات يصممن ملابسهن بأيدهن
تاريخ النشر : 2017-04-30 13:26

غزة-نوى:

تحت سقف واحد اجتمعت الفتيات الأربعة، فالتقارب بالأدمغة، والأفكار، والحس الفني  في التصميم رابط مشترك شجعهن لصنع أزياء ذات هوية فلسطينية بأسلوب معاصر يناسب الذوق العام.
"أورجانزا": دار الأزياء الأولى التي تحدت الحصار في قطاع غزة بتنفيذ أنثوي، حيث يعني المصطلح الخامة المستخدمة لفساتين المرأة الأنيقة ويمثل تصاميمهن.

قدمت الفتيات الفكرة من خلال مشروع "تصميمي" الذي استهدف خريجات تصميم الأزياء من أقسام أكاديمية مختلفة، وتلقين من خلاله تدريبات فنية ومهنية استمرت ستة أشهر لتطوير قدراتهن ودمجهن بسوق العمل.

 لم تقف كل من الخريجات الأربع عزيزة صبرة،  لمياء سمير، لينا الحرتاني، فاتن حبيب، مكتوفات الأيدي وسط طابور البطالة رغم أنهن يحملن شهادات من تخصصات جامعية مختلفة في القطاع،  فاشتركن في تعزيز موهبة التصميم ضمن المشروع الذي يعتبر نواه انطلاقهن في عالم الأزياء.

تقول عزيزة 30 عامًا التي درست لغة فرنسية ثم التحقت بالتصميم: "أمتلك حس فني بالتصميم لكنى التحقت بنظام التعليم الأكاديمي لعدم تقبل الجميع حولي فكرة التصميم، لكن إصراري على تنمية موهبتي فيه جعلتني التحق بالتدريب المهني للأزياء وتحقيق امنيتي في شق طريقه".

تضيف تلقيت تدريبات على عدة مراحل ضمن المشروع، وبعد الانتهاء عرضت رسوماتي التي أنجزتها من خلال معرض أقيم ضمن فريق تصميمي، فحصلت على المراكز الأولى مع مجموعات زميلاتي الثلاثة من بين 58 متدربة، وتم عرضها بالمعرض وتم اختيارنا لإنشاء دار أزياء بعد ان تم  تقييم عملنا من قبل محكمين مختصين من غزة وخارجها".

مساحة كبيرة حصلت عليها تصميمات النسوة الأربعة بين أوساط المجتمع الغزي الذي لم يعهد وجود دار أزياء بالقطاع، فالمعتاد أن يتم استيراد الملابس من الخارج أو صناعتها داخليا بشكل بسيط، لكن بسبب ظروف الحصار واغلاق المعابر المتكررة والحروب أوقفت الكثير من المنشئات الصناعية عن العمل ليتم الاعتماد فقط على استيراد القطع الجاهزة.

تصمم وتنفذ الفتيات نماذج متعددة من التراث الفلسطيني، والأزياء المحجبة بنمط حديث وتدمج قطع من التراث المغربي "القفطان"، والجزائري "الكراك"، الهندي "الساري"، وذلك للربط بين ثقافات الشعوب ورغبة الغزيين بارتدائه.

وعن استيحاء أفكار التصميم تقول الفتاة لينا 22 عاما المنهمكة بعملها ما بين التطريز ووضع الإكسسوار ورسم الباترون: "نستوحي التصميمات من الخيال، وأحيانا نأخذ الوانها من زوايا الغرفة، ومن أي عنصر نراها أمامنا لأن هذا العمل فن  يعتمد بدرجة أولى على الموهبة، مضيفة  نتصور القطعة ونقوم برسمها وتلوينها بما يتناسب مع الشكل".

وترى المصممة أن مصمم الأزياء يكون لديه العديد من المواهب أهمها الرسم والقدرة على تنسيق الألوان وأنواع الأقمشة مع بعضها البعض، بالإضافة لفهم تفاصيل الجسم وتصميم ما يُبرز جمال كل شخص ويخفي عيوبه، كما يجب أن يكون لديك خلفية عن الحياكة كي تتمكن من إخراج التصاميم بشكل فني"

وتهدف من خلال عملها  الخروج عن ثقافة الخياطة الى تصميم الأزياء وتنفيذ قطعة لشخص واحد تختلف عن الآخر لتكون نادرة.

كان لدراسة لينا للأحياء دور في خلق نظرة في تحديد احتياجات الزبائن حسب الشكل ورؤية المناسب لها، من النظرة الأولى على حد قولها.

استطاعت تصاميم أورجانزا الوصول لبريطانيا عن طريق احدى الزائرين للقطاع اعجب أحدهم بها،  وقام بتصويرها وارسالها لشركات خارجية فنالت اعجابهم،   وتم الاتفاق على أن يتم تصدير بعض منها  لكن المعابر وقفت عائقا كبير حالت دون ذلك.  

نقلت المصممات  ثقافة التراث الفلسطيني الى دول اوروبا من خلال مسابقة "ميلانو" للأزياء التي تعقد كل عام في ايطاليا،  وتم  ارسال التصميمات عبر الانترنت ووصلن للمرحلة الثانية من المسابقة.

وبشغف تتمنى الفتيات الوصول إلى المرحلة الأخيرة وعرض تصميماتهن من خلال عرض Run Away يشاهده أشخاص من كل دول العالم.

وتواجه دار الأزياء الغزية عدة صعوبات تتمثل بعدم وجود أقمشة مصنعة داخل القطاع والتي يتم استيرادها بشكل متأخر بسبب الحصار،   مما يعيق من العمل أحيانا ويؤخر تنفيذ التصاميم، بالإضافة لانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر.

تقوم الفتيات بالتسويق لمنتجاتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يطمحن في خطوة أمامية انشاء مصنع يضم العديد من النساء وتطوير عملهن،  وامكانية تصدير منتجات تحمل اسم شركتهن ذات الطابع النسوي الغزي.

ما بين تصميم الفكرة وتنفيذها تحدى للنساء الغزيات اللواتي يستطعن دائما النجاح في تنفيذ أفكارهن الابداعية، رغم ما يعانينه من حياة رمادية داخل القطاع، فبعد انشاء دار أزياء أولى بشكل حديث، هل سيتسع هذا الدور لعروض أزياء كالتي يراها المجتمع خارج أسوار مدينته المحاصرة.