رسالة ثانية للمقاومة في قطاع غزة- علها تصل
تاريخ النشر : 2014-08-03 19:50

أكتب رسالتي الثانية لقيادة المقاومة في القطاع أي لكل الفصائل التي تتصدى للعدوان الصهيوني، ولكل مقاوم أي لكل شاب وامرأة وعجوز وطفل صامد ويتنفس في القطاع.

اكتب متحسسة الاحباط الذي أدرك الناس بعد شائعة خطف الجندي الصهيوني وانهيار كذبة وقف اطلاق النار وما تلاها من مجزرة مخططة لمدينة رفح ومخيمها وما حولها.

خارج القطاع المقاوم، تعلقت عيون الناس بشاشات التلفزة في انتظار خطاب المقاومة لأنه سيضع حداً لكل التأويلات والشائعات، وطال الانتظار-بالذات وقد تم الاعلان عن توقع مؤتمر صحفي لأبو عبيدة- لم يظهر أبو عبيدة، ولم يظهر الضيف، وتضاربت تصريحات الناطقين باسم حركة حماس بين الداخل والخارج، وتَرك الناس للتأويلات والامنيات. وفي الليل خرج بيان لكتائب عز الدين القسام- بيان لا يشبه البيانات السابقة- لا يؤكد، ولا ينفي، ولا يجيب عن الأسئلة. بعضنا قال الحرب خدعة، وهي خدعة تقوم بها حماس، وبعضنا قال، يبدو أن الجندي ليس لديهم، وبعضنا قال بل هي المصيدة والابادة الشاملة.

داخل القطاع، ليس لدى الناس ترف التأويل ولا الاستماع لنشرات الأخبار وتحليل محليين لا يملكون حقيقة، ويشبهوننا في محاولات التأويل والاستنتاج وأيضاً التمني.  في داخل القطاع الناس مشغولة في البحث عن أحيائها، ودفن شهدائها، وتطبيب جرحاها، ولملمة ما تبقى من أثر لبيت كان يوماً بيتاً وملجأ!

في داخل القطاع وخارجه بدأت لغة التشكيك في حصاد هذا العدوان وطبيعة "النصر" الذي قد تعلنه المقاومة- وهذا حقها. حق المقاومة أن تفوت الفرصة على العدو بإعلان انتصارها، وحق الناس أن تشكك أو على الأقل تتساءل عن معنى "النصر".
أكرر واعيد بأن لا دولة ولا جيوش تستطيع ان تعلن النصر على شعب صامد، ولا على مقاومة حاضنتها شعب بأكمله، ولكن الشعوب تنكسر، تنكسر حين تغيب القيادة الموحدة، وتنكسر وهي تعد من صعدوا إلى السماء قسراً، وتنكسر من الجوع والمرض والفقر، وغياب الهدف وقلة الأمل.

أعود وأكرر الرجاء لقيادة المقاومة، أرجوكم لا تخرجوا علينا ببيان نصر يشبه بيانات ما بعد العدوانين السابقين على القطاع.  بيان النصر قد يتلوه جيش قابل جيشا وانتصر عليه.  اما العدوان فهو معركة غير متكافئة بين جيش معتد وشعب يقاوم لتقرير مصيره، وحريته ودولته.

مطلوب أن ننقذ معاً ما تبقى، مطلوب أن نعلق نياشين الفخر على صدور جرحانا، وعلى قبور شهدائنا، وعلى غبار حذاء مقاوم، وحذاء من نجى من المجزرة، ليس ببيان، ولكن بتقديم فعل مختلف كي يكون لكل هذه التضحيات معنى.
مطلوب من المقاومة ان تخرج بإعلان هزيمة العدو، وليس بيان نصر يعدد خسائرنا في الأرواح والأموال والحجارة –نعم هي خسائرنا- ولن تتحول لانتصارات بمجرد أنكم صبغتم عليها هذه الصفة. فلكل شهيد حياة كاملة سلبت منه ومنها، ولكل بيت حكاية لم تكتمل، ولكل حي ذاكرة ممنوع ان تمحى.

مطلوب إعلان بيان هزيمة العدو الاسرائيلي لأننا أعدنا قضية فلسطين للخارطة الدولية الإقليمية كبوصلة للعدل والسلام والحق، وهزمنا العدو بوحدتنا الميدانية والسياسية وهزمنا العدو باعادة الاعتبار للمشروع الوطني، وهزمنا العدو حين أعدنا الاعتبار لخيارات أخرى –سقطت منا-  لدحر الاحتلال تتجاوز المفاوضات كحل واحد ووحيد، وهزمنا العدو باستهاضنا لشعبنا الذي تسلل لوعيه ان الهزيمة والاستسلام قدر، وهزمنا العدو ونحن نعلن عن صفحة جديدة سطرتها المقاومة وشعبها بالدم والدموع والعرق والتعب وحرقة القلب.

بيان هزيمة العدو، هو بيان إعلان وحدة الفلسطينيين في مواجهة العدوان والاحتلال والمحاور الإقليمية. بيان عودة الفلسطيني لبيته الواحد دون حسابات خارجية، تدركون اننا لم نصدق "اتفاق الشاطئ"، وتدركون أننا لم نصدق حكومة التوافق، ولكنا اليوم سنصدق بيانكم الجديد. لأننا نصدقكم.


اعلنوا صفحة شراكة جديدة في النضال والبناء، فرحونا وفرحوا غزة المكلومة بان عهد مقاومة جديد قد بدأ، وان عهد كرامة وفرحة في مستقبل سنخطه جميعاً يقهقه فيه اطفالنا على مراجيح لن يغتالها الغول.

المقاومة لا تنهزم أبداً لانها مستمرة في حياة الناجين، والمولودين مستقبلاً. المقاومة تنتصر بشعبها، وبشعبها فقط.