شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 13 ديسمبر 2024م04:37 بتوقيت القدس

نكبةٌ ما بعدها نكبة..

غزة.. مدينة الأيتام!

02 مايو 2024 - 17:07

لم أدرك يومًا مدى صعوبة وقسوة الكتابة عن الحاضر، ذكرياتنا وماضينا مشبعٌ بما روته الجدات والأمهات والآباء عما حدث معهم في نكبة عام 1948م وكيف أجبروا على الهجرة وترك بيوتهم، بينما نرى ونلمس مفاتيح بيوتهم الضخمة تاركين خلفهم حصاد العام!

لقد فزعوا بعد مجزرة دير ياسين، وفرّوا بأطفالهم إلى المجهول. تفرقوا وتشتتوا، ولم يكن والدي الأفضل حظًا فقد هاجر أغلب إخوته وأخواته ليستقروا في مخيمات داخل دولٍ عربية، وبعضهم قصدوا دولًا أجنبية وهاموا في الأرض خمسةً وسبعون عامًا! بينما ظل أبي هائمًا في البلاد يسير مئات الكيلومترات، بينما تمشي خلفه أمي ويتبعهما إخوتي الكبار وقد أجهدهم الجوع والعطش والمرار حتى وصلوا مدينة غزة.

لم يطمئن قلب أبي مع أصوات انفجاراتٍ غير بعيدة، فواصل السير ومشى خطوةً خطوة، ووصل نهاره بليله حتى وصلَ إلى مدينة رفح، ووقف هناك في مكانٍ بدا له أنه بعيدٌ عن القتل والدمار والحرب. هناك توقف قليلًا ليلتقط أنفاسه ويَعُدَّ أطفاله، ويلمح عيون زوجته الحزينة. لقد أضحى على حين غرةٍ لاجئًا في فلسطين، في مدينةٍ أخرى غير قريته التي ولد وترعرع صار شابًا فيها.

في نفس المكان وضع حجرًا على حجر، وبدأ يبني بيته الطينيُّ بينما أمي تساعده في نقل الأحجار وجلب القش وإعداد خلطة البناء. يداهما تشققت، رأيتُهُما حين وُلدت وكبرتُ في المخيم، فالمخيم دومًا هو أصل الحكاية، رأيتُ تجاعيد وجهيهما، وأنفاسهما اللاهثة حين تأتي ذكرى البلاد البعيدة بفعل الاحتلال، كبُرتُ وشرِبتُ هواء المخيم وقصصًا قديمةً مُوجعة، لم أدرك بعد عمر طفولتي وشبابي أننا سنعيشها بقسوة المغتربين.

لم نعد نحتفل بذكرى النكبة فقد جاءت بشحمها ولحمها لتطحن حاضرنا وتمضُغنا كغولٍ لا مثيل له في الأساطير والحكايا الفلسطينية، فهو غولٌ يأكل كل شيء أمامه، البيت والشارع والأطفال والآباء والأمهات، كل ما أذكره الآن أنني ومع بشاعة حرب الإبادة التي استعرت وما زالت، شكرتُ الله أن أبي وأمي قد فارقا الحياة منذ سنوات كي لا يعيشا نكبةً جديدةً أكثر بشاعة، طحَنَت الأحلام والحاضر والمستقبل، بل مضغت ماضينا أيضًا. حمدتُ الله أنهما ليسا على هذا الكوكب كي لا يتجرعا مرارة فقدان ابنتهما الشهيدة "خديجة"، وهما اللذان عرفا طعم الفقد في ابنهما الكبير الشهيد محمد على طريق التهجير الأول.

كل شيء يبدو غريبًا في الذاكرة الفلسطينية الحاضرة، لقد تبدلت أمانينا وأمنياتنا وأصبحنا استثناءً يحتاجُ الآخرون لفهم ما نريده وما نشكر عليه وما نتمناه..!!

***

قالوا لي في مواساتي: "احمدي الله، أختك استشهدت، ولديها قبرٌ وشاهد، وبإمكان بناتها وحفيداتها زيارتها في مقبرةٍ لها باب ولها معالم، غيرُكِ لا قبر لأهله"، نعم بكل تأكيدٍ حمدتُ الله وصمت. قالوا لي: "احمدي الله فجسدها قطعة واحدة، وقد كان لها كفن أبيض. غيرها لا معالم لأجسادهم، وبعضهم ما زال فقيدًا تحت الردم"، نعم بكل تأكيد حمدت الله وصمت. قالوا لي: "ودَّعَتها بناتُها وزوجها وشقيقها. رأوها وقرأوا لها الفاتحة، وطبعوا قبلةً حزينةً مكلومةً على جبينها النازف الملفوف بالشاش الأبيض. غيرُكُم لم يُقبّل ولم يودّع"، حمدت الله رغم أني لم أرها ولم أودّعها ولم أقبل جبينها، وكل ما أذكره زيارتها الأخيرة لبيتي من أجل تهنئتي بنجاح أولادي بالتوجيهي. ضحكنا كثيرًا يومها، وفرحنا كثيرًا. اليوم لم يعد لدي سوى بعض الصور، وصوتها الحنون عبر "فويسات" واتساب أثناء الحرب! هذا إرثي وأنا ممتنةٌ لله أنه أبقي لي شيئًا أتمسك به كذكرى للحبيبة..!

من يفهم لغة الغزيين حين يرقصون فرحًا وطربًا لأنهم حصلوا على كيس طحين، وكأن واحدهم امتلك قصرًا! من يفهم لغة المحرومين الآن وهم يواجهون حروبًا كلها بوجه شيطان وأيدٍ فتّاكة، تنهش أجسادهم وأرواحهم، وهم يقفون في وجه القنابل والصواريخ وحدهم.. بلحومهم الحية!!

بالأمس كنا نحاول أن نفهم مَن ينهشنا؟ ومن يربت على ظهورنا؟ فقال صديقٌ عزيز: "الناس تُركوا عرايا أمام طوفان القتل وما زالوا يحاولون الحياة"! صديقتي الجميلة في غزة قالت بوجعٍ مكتوم: "كُنت محامية قد الدنيا، لي مكتب وبيت وعملي الخاص، الآن أصبحت نازحة بلا بيت، وبخيمة، لا أملك مساعدة نفسي، فكيف سأعود لأساعد النساء؟"! صديقةٌ أخرى افتدَت نفسها بآلاف الدولارات كي تنجو من نكبة غزة، تقف مشدوهةً الآن، فهنالك حربًا أخرى (حرب الغربة) لم تدركها بينما كانت تناضل من أجل البقاء على قيد الحياة.

أختي الوحيدة المتبقية في رفح تراسلني مع كل قذيفةٍ وصاروخٍ يلعن السلام ويتفجر في لحم الأهالي والبيوت بثباتٍ وصبرٍ لا أفهمُهما. نعم، لأكثر من سبعة أشهر! هي مرة وحيدة شعرتُ بطعم الخوف والتعب في صوتها، حين وصَفَت صوت "الكوادكابتر" كفحيح أفعى تمر بين الشوارع وفي البيوت وتُصدرُ أصواتًا مخيفة، بينما هي تقطنُ في بيت المخيم، الذي نصفُهُ بلا سقفٍ يُحدّق في السماء وفي الطائرات الملعونة التي تصطاد رائحة الخوف، المحملة بالكاميرات والرصاص والقنابل لتثير الرعب والخوف في كل مكان. لقد سمعتُ صوتَها المخيف في شارع المخيم بالقرب من البيت، صرختُ بهلع المغترب: "أدخلي غرفتك وأغلقي الباب جيدًا. أغلقي الشبّاك، لا تجازفي، لا شيء يستحق في وحدتنا سوى أن نحتضن أنفسنا، لنشعر أننا ما زلنا على قيد الحياة". تقول بعد ليلةٍ عصيبة:

كعصفور في الزيت الحار

الوقت

ونحن...!

نكبة الحاضر والمستقبل تبتلع نكبة الماضي...!

"سارة" ابنة أخي، ابنة الحياة كانت قد بدأت عملها كريادية شابة، وكادت أن تُطلق شركتها الخاصة. كانت عدة أيام تفصلها عن حلمها في العمل الحر والتسويق، لولا أن الحرب أكلَت جهودها! لم تخرج سارة التي تسكن مدينة رفح منذ ستة أشهرٍ إلا مرةً واحدة. لم تعرف شوارع مدينتها! لم تعرف لماذا أصبحت المدينة بهذه العتمة؟ ولما سُحبت "الحياة" من وجوه جماهير الناس فيها، نازحين وزائرين ومارة. يسيرون هائمين، بعضهُم يبحث عن أهله، وآخرون يبحثون عن لقمة عيش، وآخرون لم تعرفهم ولم تعرف وجه المدينة الذي بات يضم أكثر من مليون ونصف نازح من كل مناطق غزة.

عادت سارة لعزلتها حيث تريد أن تعود الحياة النابضة لأحلامها الصغيرة وطموحاتها الفتية، فربما كانت ستعرف أنها ما زالت قادرةً على الحلم، بين أصوات القصف والانفجارات والجنون المتواصل دون توقف!

صديقنا الفنان التشكيلي باسل المقوسي، يمكث الآن في خيمةٍ لا تقيه حر ولهيب الشمس، ومن قبل لم تقِهِ برد ومطر السماء. يُجاهدُ كلَّ يومٍ ليرسم ويبحث بخجلٍ عن ألوانٍ وسط الحاجة القاهرة للخبز والماء والهواء والبقاء على قيد الحياة. يجابهُ آلامهُ ليبقى الفنان بداخله "حيًا"، بعد أن دُمر المرسم الخاص به وبأصدقائه الفنانين "محترف شبابيك".

هناك أصبحت لوحاته جزءًا من حجارة المرسم الذي شهد معارض فنية، وبهجة ألوان، وإبداعًا على مدار سنوات. في ذلك المكان خطا خطواته الكبيرة ليصبح مرتعًا للإبداعات الشابة برفقة صديقه الفنان شريف سرحان، وغيرهم من الأصدقاء والفنانين. الآن باسل يُعلّم الأولاد داخل الخيمة ليرسموا على ورقٍ أبيض ما يعيشونه ويحلمون به، وما يعبر عنهم. إنها محاولات الحياة التي لن تتوقف يومًا بالنسبة لأي فلسطيني في ربوع بلاده المحتلة.

***

هبة أمٌ لتوأمٍ من غزة. وسط حرب التجويع لم تجد ما تطعم به رضيعتيها. عرفتُها عبر "انستجرام"، وعايشت كلماتها مرارًا وهي التي لخّصت نكبتنا الحاضرة بقولها: "فقدت الاثنتين أنا.. مش تروح واحدة وتظل لي واحدة".

ابنتاها ولدتا في الحرب، هل تعرف ماذا يعني أن تلد امرأةٌ تحت النار؟ ماذا يعني أنها تستجمع كل قوى العالم لكي تصمد فلا تفقد جنينها فزعًا ورعبًا بفعل براميل المتفجرات والأحزمة النارية حولها؟ ماذا يعني أن تنزح امرأةٌ حاملٌ بتوأم، ولديها طفلات صغيرات أخريات؟ ماذا يعني أن تترك البيت الذي تُجهّز فيه سرير المواليد وملابسهم الجديدة وطعامهم وأغطيتهم وأمانهم وأمنهم؟ هل تدرك ماذا يعني أن تترك البيت والملجأ مُكرَهةً وتنزح إلى مكانٍ غريب في العراء؟ كيف ستصمدُ امرأة شابة في أشهرها الأخيرة دون أن تأكلها الحرب؟

رغم كل هذا الموت والقهر، تتلفّع هبة بالقوة والصبر والجلَد، وتتماسك لأجل استقبال توأمها االلتان حضرتا إلى الدنيا عبر ولادةٍ مُبكرة.. رغما عنها. تنجو الصغيرات وقتًا من الزمن، وتحارب الأم كي تبقيا على قيد الحياة، إلا أن حليبها جفَّ بفعل الطعام الشحيح الذي لا يعدو كونه بعض المعلبات والحبوب الجافة. لا مياه نظيفة، ولا حليب، ولا أطعمة متوازنة! جفافٌ مدقعٌ يدق معدتها ليخلو صدرها من الحليب. تركضُ هنا وهنا، وزوجها المُلتاع يبحث معها عن حفنة حليبٍ مجففٍ يقترضه! هل تُدركون معنى أن يُصبح الحليب عصيًّا على التوفر كما الماء والطعام، لطفلتين ولدتا في الحرب.. مضغتهُما الحربُ وماتتا جوعًا..!

19 ألف يتيم الآن في غزة

شيماء قرموط من جباليا البلد شمالًا، تنام على سرير المشفى وتتحدث بصعوبةٍ بالغة بينما تظهر على وجهها ورأسها ووجهها آثار حريق، وقد غُطي كل رأسها بالشاش الأبيض.

 بينما كانت تجلس في بيتها توالى انفجار القذائف التي وصلت بيتها واحدةً تلو الأخرى بشكلٍ مفاجئ، ليشتعل أثاث المنزل. تقول شيماء بصوتها الواهن: "احنا 11 نفر في بيت واحد -بيت أهلي- حيث لجأنا إليهم بسبب شدة القذائف المُرسلة من الدبابات الإسرائيلية. احترق البيت ونحن فيه، حوصرنا ولم نقدر على الخروج بسبب النيران والحرائق التي اشتعلت".

استمرت النار تلتهم لحومهم حيةً من السادسة مساءً حتى الثالثة فجرًا. "ولم نستطع أن نسعف أحد، ولم يتمكن أحد من إسعافنا أو إنقاذنا من داخل البيت المحترق" تضيف.

وتزيد بصوتٍ واهنٍ مكلوم: "أنا انحرقت، وأولادي انحرقوا، وطفلي الصغير ساح قدامي في النار وما قدرت أعمله اشي. ظلينا نصرخ لكن كانت القذائف بتضرب بكل مكان، والكل صار يبعد ويهرب لحد ما أخوي قدر يوصل لبطانية، وينقذنا من الموت. ظلينا شهر كامل نحاول نتعالج، ومن مشفى لمشفى لحد ما وصلنا مستشفى الشفا، وهناك تحاصرنا، وأجبرونا على النزوح مشي".

لأكثر من ثلاث ساعاتٍ تحت الشمس مشت شيماء برفقة أطفالها بجلودهم المحترقة حتى وصلوا إلى منطقة جنوبي وادي غزة. وتكمل: "بس احنا محتاجين للسفر من أجل العلاج. محتاجين لتدخلات علاجية كثيرة غير متوفرة بغزة الآن. نحنا صارلنا أربع شهور بنعاني...!".

***

تسعة عشر ألف طفل يتيم في غزة استشهدت أمهاتهم. نعم قُتلت ستة آلاف أمٍ فلسطينية وفقًا للأمم المتحدة. غزة باتت مدينة الأيتام، فالأمهات أصبحن لقمة سائغة لقنابل الجيش الإسرائيلي، التي تقتل أرحامهن، وتترك العائلة بلا سند وحضنٍ ولا قوة.

كل الأمهات قُتِلن في بيوتهن، وفي الشارع، وفي الخيام، وفي المشافي.. أين تسكن الأمهات؟! إنهن يقطنَّ في قلوب من تبقى ونجا! أين تبكي الأمهات الراحلات؟ إنّهن يبكين في السماء، لذلك تظل الأرض مبتلة بدموعهن!

يا لنكبتنا، عمن سأتحدث؟ ولماذا تضجُّ كل القصص والحكايا في رأسي؟ أُعيد رسم الحكايات، وأحاول أن أرتب شيئًا، وألا أفقد أحدًا آخر. يا لنكبتنا كم كبُرَت أعمارنا عشرات السنوات، فبدا الأطفال شبابًا، وبدا الشباب عجائز، أما العجائز فقد اختنقوا بعبراتهم ولوعتهم، إذ شهدوا نكبةً أخرى أكثر شراسةً وقسوةً في عمرٍ تمنّوا لو أن فيه عودة!

نكبة غزة تحرق حاضرنا

كتبنا كثيرًا عن نكبة الـ 48م، لكننا لم نفكر يومًا في أننا سنعيشها، بل ستكون أكثر قسوةً وبشاعة! نكبة 2023م المستمرة حتى الآن، التي نزح خلالها أكثر من 2 مليون إنسان من شمال غزة إلى وسطها إلى جنوبها.

نكبةٌ دُمّرت فيها كل مشافي المدينة الحكومية والخاصة، وحتى مستشفيات الولادة لوحقت! استُشهِد ثلاثة وثلاثون ألفًا و899 فلسطيني! يا لجنون هذا العالم...! هذه نكبتنا الحاضرة التي لم تتوقف حتى الآن. يتساقط الشهداء في بلادنا جماعات، وعائلاتٌ كاملةٌ أُبيدت ومُسحت من السجل المدني الفلسطيني، فلم يبقَ من ذريتها أحد! ماذا عن 76.664 مصابًا وجريحًا منذ بداية نكبة غزة الجديدة؟ آلاف الإصابات خطيرة، وتقف على قائمة انتظار طويلة جدًا للنجاة عبر التحويلات الطبية الخارجية، التي تسير كسلحفاةٍ تحمل نعشًا تلو نعش. إن حصارًا ملعونًا ما زال يجعل من غزة مقبرةً للجرحى، ومقبرةً للأحياء أيضًا، إذ لا معابر ولا فرص للنجاة!

يبدو المشهد قاتمًا معتمًا دمويًا بامتياز. الوقتُ يمتدُّ، فقد ازدادت عدد أيام الحرب على مئتين، والخسائر كلها من لحمنا ودمنا وجدران بيوتنا ومستقبل أبنائنا! غزة المنكوبة تبدو وحيدة، تقعُ وتقفُ بينما بحرها الحزين صار بحرًا من دموعٍ ودم! دمنا الغالي علينا كما كل أبناء البشر.

نكبتنا مستمرة، والناجي في غزة يشبه الغريق الذي لم يتنفس منذ السابع من أكتوبر الماضي، لكنه ما زال بطريقةٍ ما على قيد الحياة.. على قيد الأمل.

في العام الماضي، أحيت الأمم المتحدة للمرة الأولى في تاريخها بمقرها في نيويورك ذكرى نكبة الفلسطينيين التي بدأت في 15 من أيار/مايو لعام 1948م، لتبدأ دولة الاحتلال الإسرائيلي بعدها بعدة أشهر صناعة نكبةٍ أخرى، أكثر بشاعةً وتدميرًا لكل مقومات الحياة في كل مدن ومخيمات قطاع غزة. إبادة للحياة، وإبادة للتعليم، وإبادة للحلم الفلسطيني. إبادة لنا، نحن الذين سنبقى على قيد الأمل...!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة وإعلامية فلسطينية من قطاع غزة

كاريكاتـــــير