شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024م07:00 بتوقيت القدس

في الخيمة.. لا مكان للشعر الطويل!

15 ابريل 2024 - 14:32

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

نظرت صفاء محمود (٣٦ عامًا) إلى مرآةٍ صغيرةٍ بين يديها بنظرات حسرةٍ وندم، تتفقد شعرها الذي قصته للتو مجبرةً، بعد سنواتٍ طويلةٍ من العناية به، ومحاولة إطالته كمظهرٍ من مظاهر الجمال الأنثوي.

قاطَعَ خُلوتها صوت شقيقتها غدير مازحةً: "البقاء لله.. تعيشي وتربّي من جديد يختي"، لكن صَفاء لم تستقبل الدعابة بصدرٍ رحب، وردت: "الله وحده يعلم كم أنفقت من مال وجهد للعناية بشعري".

كان هذا المشهد داخل خيمة إيواء في منطقة تل السلطان غربي مدينة رفح، تعيش فيها صفاء محمود برفقة زوجها وأطفالها الأربعة، بعد أن نزحت عائلتها من مدينة غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وأجبرت تداعيات هذه الحرب العديد من النساء على تقصير شعورهن مجبرات، بسبب إصابة فروة الرأس بالرطوبة المسببة للأمراض الجلدية، نتيجة ارتدائهن غطاء الرأس لساعات طويلة بسبب انعدام الخصوصية في المخيمات ومدارس الإيواء.

تقول صفاء لـ"نوى": "عدم تعرض الشعر للهواء أو الشمس لساعات طويلة، ونقص الماء وندرة الاستحمام، كلها أسباب أجبرتني على التخلي عن طول شعري وتقصيره بشكل كبير".

وأوضحت أن الأسباب السابقة أصابت فروة رأسها بالرطوبة الدائمة، وجعلت الأوساخ تتراكم على الشعيرات طوال الوقت، حتى باتت تشعر بحكة مستمرة.

وأضافت: "طول شعري أيضًا سبب لي الحساسية الجلدية في المنطقة حول الرقبة والأكتاف، كما ظهرت الكثير من البقع الحمراء في المنطقة، وها نحن على أعتاب الصيف، وارتفاع درجات الحرارة. أتوقع أن الوضع سيغدو كارثيًا".

وتابعت صفاء وهي تنظر إلى مرآتها: "أصبح شعري الآن قصيرًا كما الذكور. لقد حكَمَت عليه هذه الحرب بالإعدام".

داخل خيمةٍ وضعت على بوابتها القماشية لافتة كتب عليها "كوافيرة"، كانت الفتاة منال بكرون تنشغل في قص وتقصير شعر العديد من الفتيات والنساء.

وقالت بكرون لـ"نوى": "معظم النساء يأتين إليَّ من أجل تقصير الشعر من أجل التخلص من القشرة وتراكم الأوساخ على فروة الرأس، وليس لعمل التسريحات والصبغات".

وأضافت: "العديد من النساء يقضين حياتهن مُحافظاتٍ على شعرهن، من خلال غسله باستمرار بالشامبو، أو باستخدام مستحضرات الشعر وخلافه، ولكن مع عدم توفر الماء بشكل كاف وغياب هذه المستحضرات في الأسواق أو غلاء ثمنها بشكل كبير حاليًا، اتخذن قرارًا بالتخلص من الطول الزائد لصالح صحتهن الشخصية".

وأوضحت أنها تستقبل يوميًا ما لا يقل عن ١٥ فتاة وامرأة من أجل تقصير شعورهن، وتابعت: "التخلي عن الشعر هو قرار قاسٍ بالنسبة للنساء، ولكنه ضروري لتجنب الأمراض الجلدية التي تصيب فروة الرأس".

وأكدت طبيبة الأمراض الجلدية منيرة الأغا، أن عدم غسل الشعر لعدة أيام يسبب مشكلات صحية للشخص ويؤدي إلى مضاعفات لا حصر لها.

وقالت الأغا لـ"نوى": "بينما يمكن أن يؤدي كثرة غسل الشعر إلى جفافه وجعله باهتًا ومتقصفًا، فإن عدم غسله لعدة أيام يؤدي إلى تراكم الزيوت ما يؤدي إلى روائح كريهة وظهور القشرة".

وأوضحت أن قلة وصول أشعة الشمس والهواء والماء لفروة الرأس، يؤدي إلى نمو الفطريات، والتسبب بحكة جلدية وظهور بقع حمراء في المناطق أسفل الرأس".

وأضافت الأغا: "وبالتالي، فإن الحفاظ على شعر نظيف أمر بالغ الأهمية ليس فقط لصحة فروة الرأس، ولكن أيضًا لصحة الجلد بشكل عام".

في مشهد آخر داخل مدارس الإيواء وفي المناطق المزدحمة بالنازحين، عمدت الأمهات لقص شعر بناتهن الطفلات من أجل منع إصابتهن بعدوى انتقال القمل والصئبان.

وهذا ما فعلته عبير صبري (٤١ عامًا) التي اضطرت لقص شعر بناتها الثلاث، اللواتي تتراوح أعمارهن بين (١١-١٧عاما) من أجل تجنب الإصابة بعدوى انتقال القمل والسيبان من فتيات وطفلات أخريات.

وقالت صبري لـ"نوى": "بناتي الثلاث يمتلكن شعرًا طويلًا، ولكن نفد صبري وأنا أقوم يوميًا بتنظيف رؤوسهن من القمل، لذلك قررت قصه".

كما اضطرت صبري إلى قص شعرها أيضًا، بعد أن أصبح يتساقط بشكل كبير بسبب التغيرات التي طرأت على حياتها بعد النزوح.

وقالت: "قبل الحرب والنزوح، كنت أتبع نظامًا غذائيًا غنيًا بالفيتامينات والمعادن من أجل الحفاظ على صحة شعر مثالية، ويتضمن هذا النظام الغذائي تناول اللحوم والأسماك والفاكهة والمكسرات".

وأضافت: "الآن ومع عدم توفر كل ذلك، فسد شعري تمامًا وقررت قصه وتقصيره. على الأقل وفرت الكثير من المال للحفاظ عليه".

كاريكاتـــــير