شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 29 ابريل 2024م23:27 بتوقيت القدس

أن تمرض في الحرب.. "كارثةٌ" أخرى!

13 ديسمبر 2023 - 11:49

شبكة نوى، فلسطينيات: خانيونس:

جولة مضنية قضاها المواطن جمال عطية (59 عامًا) بحثًا عن دواء لعلاج مرض السكري، الذي يعاني منه منذ ثماني سنوات، دون جدوى!

جمال نازحٌ من مدينة غزة إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، منذ منتصف أكتوبر الماضي، حيث أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي مئات الآلاف من السكان -بالإضافة لقاطني الشمال- على النزوح جنوبًا، وسط أوضاعٍ صحيةٍ وإنسانية تزداد تعقيدًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.

يقول المواطن جمال: "بعد جهدٍ كبير، حصلتُ على كمية محدودة كانت كافية لأسبوعين، والآن أحاول الحفاظ على صحتي بصعوبة من خلال الالتزام بنظامٍ غذائي صعبٍ للغاية".

الشابة أماني مفيدة أيضًا، تحاول بصعوبة حماية طفلها الذي لم يتجاوز ست سنوات من البرد، وتوفير الماء الدافىء له، في محاولة للتخفيف من أثر آلام المعدة والإسهال الذي يعانيه منذ نزوح أسرته إلى منطقة المواصي، غربي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

تقول الشابة: "بردٌ لا يُطاق، ولا مياه نظافة، ولا طعام. أعاني كما غيري من آلام في المعدة، فما بالكم بطفلٍ صغير، وهو ليس الوحيد بالطبع".

الوضع الصحي للمواطنين جنوبي القطاع، بات أكثر صعوبةً مع إغلاق غالبية الصيدليات، ونفاد الأدوية، وظهور مشاكل صحية نتيجةً للواقع البيئي الناتج عن النزوح، وتكدس المواطنين في مراكز الإيواء، مع قلة توفر الغذاء والماء الصالحين للاستخدام الآدمي.

"أن تمرض في هذه الأوقات كارثة حقيقية، تضاف إلى سلة الكوارث في قطاع غزة، والمسألة الأكثر تعقيدًا أنك لن تجد طبيبًا يعالجك، وإذا وجدت، فقد لا يكون متخصصًا في حالتك، ولن تحصل على الدواء المناسب لك، وإن وجدت، فهو بديل قد لا يفي بالغرض" هكذا لخّص الدكتور الصيدلاني ذو الفقار سويرجو، واقع الوضع الصحي للمواطنين في قطاع غزة.

يضيف سويرجو الذي يعمل في هذه المهنة منذ 35 عامًا: "لم أشهد مثل هذه الكارثة الصحية في حياتي، لا سيما فيما يتعلق بمرضى الأمراض المزمنة، ومرضى السكري من النوع الأول، الذين يحتاجون إلى الأنسولين، وهو غير موجود.

يكمل: "من متابعتي اليومية لمن يلجؤون لي؛ أغلب الحالات تشتكي من نزلاتٍ معوية، وارتفاعٍ في درجات الحرارة، ومغص وإسهال نتيجة البيئة غير الصحية التي فرضتها الحرب، سواءً من ناحية المياه غير الصالحة للشرب، أو الأطعمة الفاسدة خاصةً المعلبات، وهناك شكوك بإصابات بالسالمونيلا، وهي بكتيريا خطيرة قد تؤدي للوفاة، لكن يا للأسف لا يوجد من يوثّق ذلك الآن".

يضاف لذلك الإصابات بالأمراض الصدرية، والمنتشرة بكثرة نتيجة البرد الشديد في ظل عدم وجود أغطية كافية ولا ملابس شتوية لدى العديد من الناس الذين أجبروا على النزوح، وبعضهم تعرض للمطر بشكل مباشر لعدم وجود مراكز إيواء، إلى جانب استخدام الحطب في إيقاد النار للطهي، وهذا يتسبب في الالتهابات الرئوية العلوية والسفلية" يردف سويرجو.

أما المشكلة الثالثة (والحديث له)، فهي الحساسية الجلدية، والالتهابات، التي ظهرت نتيجة عدم الاستحمام، وعدم توفر المياه النظيفة، "فظهر نوع من الفيروسات الغريبة، التي تبدو وكأن المريض يشتكي من جدري الماء مع أنه ليس هو، إلا أنه يتسبب في ظهور حبوب، ويسبب الحكّة، وكل هذا في وقتٍ قُصفت فيه غالبية الصيدليات".

ورغم صعوبة تقديم نصائح، لعدم توفر خيارات أخرى، إلا أن سويرجو يوصي مرضى السكري مثلًا بمحاولة المشي لساعة أو ساعتين يوميًا، وممارسة بعض التمارين الرياضية بالنسبة للمرضى من كبار السن من أجل حرق السكر، وبالنسبة للطعام والماء، فمحاولة غليه عدة مرات من أجل التأكد من تنقيته، وبالنسبة للأمراض الجلدية، بالإمكان عمل مغلي من الشاي الأخضر ودهن الجلد به كونه يخفف من الحساسية.

من جانبه، يرى أخصائي التغذية العلاجية د.محمد حرب، أن أبرز المشاكل الصحية التي عاينها خلال المرحلة الحالية تحديدًا بعد مرحلة النزوح هي سوء التغذية، خاصةً بالنسبة للأطفال وعدم توفر الغذاء المناسب والحليب للرضع، "أيضًا مشاكل الجهاز الهضمي من إسهال واستفراغ بسبب سوء التغذية، وهي أزمات تشكل خطورة على حياة الأطفال" يضيف.

وتابع حرب الذي استمر في تلقي استشارات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "أما بالنسبة للكبار، فإن شح الموارد التغذوية يمثل ظاهرة في جنوبي القطاع، وهناك نزلات معوية تقود إلى مشاكل الجفاف ومشاكل في المسالك البولية، وهي أزمات قد تؤدي للوفاة".

وينصح الدكتور حرب المواطنين قدر المستطاع بمحاولة الانتباه إلى الأطفال، كونهم الأقل مناعة، وأحيانًا لا يستطيعون مقاومة الأمراض الفيروسية، وهناك ضرورة للعمل قدر الإمكان على إيجاد بيئة دافئة لهم، مناشدًا الجهات الرسمية ووكالة الغوث بتوفير مرافق آمنة للنازحين، وتقديم مقومات الحياة المناسبة لهم من طعام وشراب "خاصةً الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة؛ لأن هناك الكثيرين ممن تعرضوا لأزمات قلبية، ومشاكل صحية، نتيجة شح المياه ووجودهم في بيئة غير آمنة".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير