شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م14:42 بتوقيت القدس

سيارة "فيَت 124".. شاهدٌ على ميلاد أحمد وحلمه

07 مارس 2023 - 09:52

شبكة نوى، فلسطينيات: لطالما لاحق أحمد داوود بعينيه يد والده وهي تحاول "تضميد" أعطال المركبات القديمة. كان صغيرًا، لكن قلبه يخفق أمام أيّ مركبةٍ يكسوها الغبار، وهذا هو السبب الذي جعله يحتفظ حتى اليوم بمركبة العائلة التي يزيد عمرها على 50 سنة.

أحمد، حفيد أول مالك لشركة قطع غيار سيارات في قطاع غزة أُنشأت عام 1935م، واليوم هو مالك ورشة العائلة لتصليح السيارات القديمة. يشير الشاب الثلاثيني بإصبعه إلى سيارةٍ داخل الورشة، ويقول: "هذه السيارة من نوع فيت 124، اشتراها والدي قبل أن يتزوج".

"كثيرٌ من الذكريات عشتها في هذه السيارة، منذ وُلدت، نُقلتُ إلى البيت فيها، وتوالت الذكريات معها، حيث تنقلنا فيها عبر كل المدن الفلسطينية، القدس، ويافا، وحيفا، ورأس الناقورة، وطبريا" يضيف، مستدركًا: "لا يمكن أن ألقي هذه الذكريات جانبًا، وهذا ما جعلني أتمسك بهذه المركبة دون غيرها من المركبات التي امتلكتها العائلة".

ترك الشاب دراسته الجامعية في تخصص إدارة الأعمال، واتجه نحو ورشة والده ليعمل في المهنة التي أحبَّها، وتعلم فنونها من خاله المقيم في القدس. يردف: "من محبتي لخالي وتعلقي به، أحببتُ مهنَتَه، لا سيما وأنني كنت أشاهد عمله وشغفه بإصلاح السيارات".

يعمل داوود اليوم ميكانيكيكيًا، بعد أن تعلم فنون الحرفة من خاله، لا سيما وأن لديه خبرة من عمله السابق مع والده، ناهيك عن اجتيازه عدة دورات متخصصة.

سنوات طويلة احتاجها داوود ليتمكن من إعادة تجديد مركبته. يروي لـ "نوى" كيف أنه بدأ في تجميع قطع غيار هذه المركبة منذ العام 2007م، "خاصةً وأنها غير متوفرة في قطاع غزة المحاصر"، فيقول: "بدأت أجمع القطع التي أحتاجها لإصلاح المركبة، وساعدني في ذلك أصدقائي ممن يعملون في ذات الحرفة، ممن تصادفهم قطع معينة أحتاجها لتجديد المركبة. وكنتُ أوصي آخرين ممن يسافرون لشراء قطعٍ بعينها، إلى أن تمكنت من تجميع كافة القطع الكفيلة بتجديد المركبة".

واجه داوود صعوبات بالغة في إدخال القطع إلى القطاع المحاصر، "حتى أن عشرات القطع تمت مصادرتها، ولم أستطع إدخالها أبدًا" يعقب.

واستغرق تجديد مركبة عائلة داوود التي يعود موديلها إلى عام 1973م، أكثر من عام، بسبب عرقلة توفر قطع الغيار، والوقت الذي استغرقه الدهان، والسمكرة، والفرش، وتجديد الماتور.

يبدو الشاب داوود فخورًا بنجاحه في تجديد مركبة العائلة، وإعادة تشغيلها. يعقب: "وعدتُ زوجتي بنقل طفلي الأول من المستشفى بواسطتها، وها أنذا أفي بوعدي".

يتابع: "وصلتُ لمرحلةٍ مفصلية في موضوع هذه المركبة، وكنتُ أمام خيارين: إما أن أتمكن من إصلاحها، أو أن أُتلفها، أما فكرة أن أبيعها فأمر مستحيل. إنها تحملُ كل ذكريات الطفولة، كل صور العائلة في كل المناسبات، كانت هذه المركبة شاهدًا عليها، إذا بعتها سأكون كمن يبيع تاريخه وذكرياته، هذه المركبة بمثابة رمز لا يمكن التفريط فيه".

امتلكت عائلة داوود خلال سنوات طويلة العديد من السيارات، لا سيما وأن جده، في شركته، كان وكيلًا لعدة شركات سيارات عالمية أهمها "فورد"، قبل إغلاقها بسبب الانتكاسات السياسية والحروب التي توالت على قطاع غزة.


 

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير