شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م11:58 بتوقيت القدس

وكأن الرصاصة استقرت في قلوب محبيها..

100 يومٍ من دون "شيرين"

18 اعسطس 2022 - 23:57

فلسطين المحتلة:

"100 يوم، دون صديقتي". هكذا كتبت الصحفية في قناة الجزيرة نجوان سمري في اليوم المئة لاستشهاد زميلتها شيرين أبو عاقلة. حزنٌ يشبهُ الغيم يُمطر قلبها حزنًا على حجم الفقد الذي صنعه الاحتلال باغتيال شيرين في الحادي عشر من أيار/مايو الماضي.

تقول نجوان: "ليس سهلًا في زمن عز فيه نقاء العلاقات أن ترتبط روحك بصديق حقيقي، تتجرد أمامه من مظاهر زيفك كما لو أنك تقف أمام مرآتك، فلا تخفي عنه سرًا، ولا تخجل أمامه من عيوبك. لا تشرح له قولًا ولا تبرر له فعلًا، وكلما احتجته تجده مصغيًا متفهمًا مادًّا لك يده ليمسك بيدك، ويعينك على الطريق".

"هذه شيرين بعينها"، تزيد في رثائها، وكأنها ترفض التسليم لفكرة موتها "صديقٌ حقيقيٌ تشاركه الحياة بتفاصيلها، فتضحك معه كثيرًا، وتبكي له حزنك، يطيب معه الحديث مهما طال، فلا يضيق صدره بشكواك ولا صدرك بهمومه. ينصحك ويأخذ برأيك. يدعمك وتكون له سندًا، يشبهك في تفاصيل الحياة البسيطة، فيسهل بينكما التواصل دون عناء. يرافقك في الخيارات، وتتشارك معه خطط الغد والمستقبل، وتتمنى ألّا يمسسه ضرر، وتحب له تمامًا ما تحبه لنفسك. تتألم لوجعه، وتتباهى بنجاحه. يؤرقك قلقه، وترضيك سعادته، ومعه تنتقل من عدم اليقين إلى الحقيقة، ومن الرمل إلى المرسى، فيمدك بكثير من الأمان والقوة والسكينة".

تخبرنا نجوان: "عندي صديقة كهذه، جميلة جدًا، طيبة جدًا، ذكية جدًا، متسامحة جدًا، مرحة جدًا، دافئة جدًا، هادئة وصاخبة جدًا، قلبها أبيض جدًا، تحب الحياة جدًا، وأحبها جدًا".

شيرين كما تحب أن تصفها صديقتها الوفية وزميلتها الطيّبة "تحاصرني صورتها على شكل غيمة، ونظرتها الثاقبة على شكل عتاب، وصوت حزنها على شكل همسات غير مسموعة، وضجيج رصاصٍ من حولها على شكل غزاة مجرمين، ونار متقدة بيني وبينها على شكل اشتياق، يكبر أكثر فأكثر مع كل لحظة تمر دون أن أراها أو أتحدث معها، أو أسمع صوتها. أنا عندي صديقة اسمها شيرين، بل كان عندي صديقة، قبل أن تقتلها إسرائيل برصاصة، استقرت في قلبي".

وفي السياق، أصدرت شبكة الجزيرة بيانًا جاء فيه: "مئة يومٍ تمرّ على اغتيال شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، كفيلة بأن تكشف مدى زيف الرواية الإسرائيلية، ومحاولة الإفلات من العقاب، وتظهر حجم الاستنكار والإدانة المتزايدة يومًا بعد يوم، الرسمي منها والشعبي، لمحاولة إسكات صوت الإعلام الحرّ بالقتل والتضليل".

وأضاف البيان: "لقد أحدث اغتيال الصحافية شيرين بدم بارد ردّة فعل عالمية مستنكرة رغم محاولات التمويه والتضليل الرسمي الإسرائيلي، فخلال المئة يوم الماضية، تضافرت التحقيقات المستقلة من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، والمؤسسات الإعلامية العالمية العريقة، وتوصلت جميعها إلى نفس النتيجة التي تؤكد روايات شهود العيان بأنها قتلت على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعزز تأكيدات الجزيرة والعائلة، بأنها استهدفت عمدًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. واعتمادًا على هذه النتائج، تتابع الجزيرة حملتها لإجراء تحقيق دولي مستقل ونزيه".

وأكدت الشبكة الإعلامية أنها تمضي قدمًا في الإجراءات الخاصة بتقديم ملف القضية كاملًا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بسبب تعمدها استهداف وقتل أبو عاقلة.

ولم يكف الناشطون عن إعلان سخطهم كون قاتل "شيرين" لا يزال حرًا منذ مئة يوم. لقد قضت برصاصة إسرائيلية، ووُثق موتها بمقطع فيديو انتشر في العالم كله، رصاصة دخلت التحقيقات، واعترافات مبطنة من الجيش الإسرائيلي بأنه الفاعل، هل صارت محاسبة؟ بالطبع لا، هكذا يسير الأمر حين تنفذه إسرائيل بحق الفلسطينيين.

سناء يونوسي وهي صحفية أخرى، كتبت على صفحتها الشخصية في "تويتر" تقول: "مئة يوم منذ اغتيال #شيرين_أبو_عاقلة. المجرم لا يزال حرًا وما زال عرابوه في #إسرائيل وخارجها يتمتعون بالإفلات من العقاب".

فيما علّق الصحفي ياسر عاشور بالقول: "مئة يوم قبل هذا اليوم، عندما استيقظنا جميعنا وشعور الفقد يلازمنا. كنّا نُعزي بعضنا في استشهادها. كانت شيرين أبو عاقلة صوتنا الذي سنحافظ عليه إلى الأبد لأجل أن يبقى ذكرها مُخلدًا. #العدالة_لشيرين_أبوعاقلة".

هكذا يشعر الفلسطينيون دائمًا بالفقد. يبكون أحبابهم، ويطالبون بعدالتهم، يربّون أحزانهم حتى تكبر وتنضج فتتحول إلى اسمنت يصب فوق صدورهم ثم يبتلع أنفاسهم، كنمط حياة "طبيعي" تحت الاحتلال. 

 

كاريكاتـــــير