غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
تتجوّل المرشدة السياحية المقدسية رِيهام سنقرط في بلدة بيت صفافا جنوبي شرق القدس المحتلة، لتشبع شغفها بتمعّن تفاصيل المنطقة الأثرية التي أُعلن عن اكتشافها منتصف مارس/ آذار الماضي.
لطالما تفحّصت ريهام الآثار التي تحتضنها البلدة، المساجد، والطاحونة العتيقة، والبرج، والعديد من المباني الأثرية الأخرى، لكن ما رصدته في المنطقة الأثرية الجديدة، جعلها توقن معنى أن تضيع البلاد، ويُزوّر تاريخها العريق من قبل من لا تاريخ له ولا أحقيّة.
وكانت مصادر فلسطينية، أعلنت اكتشاف منطقة أثرية في البلدة خلال قيام آليات الاحتلال بتجريف أراضٍ هناك لإقامة حي استيطاني جديد، مكون من 2500 وحدة سكنية تنضم إلى مستوطنة "جفعات همتوس"، المعروفة بـ"تلة الطيار"، والمقامة على أراضي القرية.
ويبدو من الصور الأولية أن الاكتشاف مهم، ومساحته واسعة، لكن بلدية القدس التابعة للاحتلال استولت على تلك الأراضي بحجة أنها "أملاك غائبين".
وينضم هذا الاكتشاف إلى سلسلة اكتشافات لآثار مماثلة في القرية التي تتعرض بشكل شرس للاستيطان الإسرائيلي، حيث يواصل الاحتلال بناء حيٍ استيطاني في المنطقة المكتشفة وغيرها.
وبحكم عملها كمرشدة سياحية تعيش في القدس، تهتم ريهام بالوقوف على كل ما يتعلق بآثار المدينة، لكن يحزنها للغاية أن المكتشفات الأثرية في بيت صفافا وغيرها، معرضة للانتهاكات الإسرائيلية.
وفي ما يخص أراضي بيت صفافا، فهي من أكثر قرى القدس تعرضًا للمصادرة حيث لم يتبق من مساحتها إلا 1500 دونم من أصل 4500 دونم، ذلك بسبب إقامة المستوطنات والشوارع الاستيطانية التي تقطع أوصالها، وتُغيِّر معالمها.
تقول ريهام لـ"نوى": "في عام ٢٠١٤م، اكتشفت في المنطقة قبور من العهد الروماني، كذلك في عام ٢٠٢١م، اكتشفت آثار جديدة، لكن سرعان ما تم طرح إقامة حي استيطاني، ومن المقرر أن يتم البناء على مساحة تبلغ 38 دونمًا".
وتؤكد أن بلدة بيت صفافا هي منطقة تحتوى على آثار تمتد إلى فترات مختلفة، فهناك كنيسة رومانية، وبعض المعالم التي تعود للفترة الإسلامية، وفيها معالم أثرية أخرى لم تسلم من بطش الاحتلال.
بدوره، يوضح مدير التنقيب والمسح الأثري في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية وائل حمامرة، أن المنطقة بشكل عام قريبة من قنوات المياه القديمة التي كانت تزود مدينة القدس بالمياه، حيث تشير الصور الأولية إلى العثور في منطقة "طباليا" الواقعة ضمن أراضي بلدة بيت صفافا على قناة مياه، وبئر، وبعض المقاطع الصخرية أو المحاجر القديمة التي استُخدمت لإعداد حجارةٍ للأبنية القديمة.
وأوضح حمامرة أن النظام المائي كان يزوِّدُ مدينة القدس بالمياه في الفترة الرومانية والبيزنطية والإسلامية، وكانت تأتي مياهه من منطقة العروب، والمنطقة الشمالية التي تتم تعبئتها من الينابيع المجاورة، "و هذا الخط يكمل بالاتجاه الشرقي لمنطقة العروب، ثم يسير تجاه برك سليمان، بطول 39 كم تقريبًا، ثم يكمل ثم باتجاه أرطاس بيت لحم، مرورًا بمحيط قرية أم طوبا في بيت صفافا و جبل المكبر، انتهاءً بالبلدة القديمة في القدس".
وأما القناة الثانية الخاصة بالنظام المائي لمدينة القدس، فكانت تسمى بقناة "وادي البيار"، وتبدأ من جنوب بلدة الخضر، ثم تسير نحو برك سليمان ، وأرطاس بيت لحم، حتى مدينة القدس.
وخلال الفترة العثمانية، استحدث خط جديد من الأنابيب الفخارية المغطاة بالإسمنت الشيدي، وفق د. حمامرة.
من ناحية أخرى، تعمل فرق وزارة الآثار والسياحة في رام الله، على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الآثار الفلسطينية، وترفع بشكلٍ دوري تقاريرها للمنظمات الدولية، وعلى رأسها "يونسكو".
تحدثت "نوى" إلى وكيل الوزارة صالح طوافشة، الذي أكد أن كل الأعمال التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في كل المواقع الأثرية الفلسطينية، مخالفة للقانون والاتفاقيات الدولية، قائلًا: "القدس وضواحيها تحتوى على مجموعة كبيرة من المناطق الأثرية، وهي خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. ويا للأسف، فإنه ومنذ عام 1967م ينهب الاحتلال آثارها، ويهرب عددًا كبيرًا منها إلى خارج البلاد بطريقة غير شرعية".
وشدد طوافشة على أن ما يجري في بيت صفافا هو انتهاكٌ واضحٌ للاتفاقيّات الدولية، التي تفرض على القوة المحتلة عدم العبث بمقدرات الشعب الذي تحتله، وعدم طمس وتدمير آثاره، متابعًا بالقول: "دولة الاحتلال تعبث باكتشافٍ أثريٍ كبير في بيت صفاف دون رقابة من أي جهةٍ دوليةس كانت. نحن لا نعلم أين تذهب الآثار التي يتم استخراجها! ولا نعلم ماذا يحدث للموقع في أعقاب التنقيب".