شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م20:07 بتوقيت القدس

كورونا ومُحتَل.. ضرباتٌ قصمت ظهر "الصحة" في 2021

04 يناير 2022 - 14:45

شبكة نوى- فلسطينيات:

"عامٌ شرس" هو التوصيف الأنسب لـ 12 شهرًا مرّت من عام 2021م، كانت الطواقم الطبية فيها على رأس صفوف المواجهة في أكثر من طريق!

اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في الضفةالغربية وقطاع غزة، وجائحة (كوفيد- 19)، عنوانين رئيسين مقابل شحٍ في الإمكانات ألقى بظلاله الثقيلة على معظم مستشفيات القطاع العام، والمراكز الصحية، والعيادات، في الضفة الغربية وقطاع غزة على حدٍ سواء.

أجهزة الأكسجين، ومبادرات التطوع الشبابية لمحاولة توفيرها لمصابي كورونا من كبار السن، سيارات الإسعاف المتهالكة التي أدت مهامها تحت النار في غزة خلال عدوان أيار، وملف التحويلات الطبية للخارج، وأزمة الأدوية، وجرحى المسيرات الشعبية في جبل صبيح، وغيرها من مناطق الضفة الغربية، خطوطٌ رئيسة يمكن لهذا الحصاد أن ينطلق عبرها في رصد واقع القطاع الصحي في فلسطين.. التفاصيل تتبع:

ملف كورونا..

تمكنت الطواقم الطبية من تجاوز الموجات الأولى والثانية والثالثة من جائحة "كورونا" بأقل الخسائر البشرية، وفق القائمين على هذا الملف، إذ كانت نسبة الوفيات في فلسطين منخفضة للغاية مقابل ما يتم تسجيله عالميًا رغم قلة الإمكانيات، حيث لم تتعدَّ الـ 1%.

وتبعًا لبيانات  متفرقة أصدرتها وزارة الصحة الفلسطينية، فإن حوالي 78% من حالات الوفاة كانت لكبار السن (60 سنة فأكثر)، "كونهم أكثر عرضة لخطر الوفاة، والأمراض الشديدة بعد الإصابة".

ووصف مدير صحة أريحا والأغوار في الضفة الغربية طارق أبو هواش الوضع الصحي لعام 2021م بـ "الكارثي" لا سيما في المنطقتين المذكورتين، "ذلك بسبب إجراءات الاحتلال التعسفية، وانتشار فايروس كوفيد- 19.

مدير صحة أريحا والأغوار: "الحواجز الإسرائيلية كانت سببًا في تأخر نقل العديد من الحالات الطارئة، وتأخر الموظفين عن دوامهم بشكل شبه يومي"

وقال لـ "نوى": "خلال هذا العام، زاد العبء والضغط على الطواقم العاملة في القطاع الصحي، فلم تتمكن الطواقم الطبية من نقل المصابين بشكل فوري وعاجل إلى أماكن الرعاية الصحية نتيجة وجود الحواجز الإسرائيلية".

بل إنه في بعض الحالات (والحديث لأبو هواش)، لم تتمكن طواقم وزارة الصحة من إرسال سيارات الإسعاف لنقل المرضى نتيجة عقبات الاحتلال، "مما أثر على صحتهم بشكل مباشر، خاصة في الحالات الطارئة التي تحتاج إلى تغذية الأكسجين".

وأشار أبو هواش إلى جدوى تمديد حالة الطوارئ، بقوله: "برغم التحديات، كانت تجربة جيدة، وأفادت القطاع الصحي على عدة مستويات".

وفي غزة، ووفق مدير دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة مجدى ظهير، فقد تعاملت الطواقم الطبية "بنجاحٍ كبير في ملف كورونا"، وذلك بسبب تطبيق برنامج الحجر الإلزامي مع بداية ظهور الوباء.

وأضاف: "كان لتأهيل الكوادر الطبية للتعامل مع الفايروس دور كبير، ذلك من خلال التعرف على أساليب الاكتشاف والتشخيص، وتوفير الأسرّة، وأجهزة العناية المكثّفة، وأجهزة التنفس الاصطناعي".

ضهير: ما زلنا بحاجة إلى محطات تغذية الأكسجين، وأجهزة التنفس الصناعي، وأجهزة الأشعة المحمولة والمتنقلة، وأدوات الصيانة الخاصة بمحطات الأكسجين، وأجهزة الأشعة.

وحول التحديات التي واجهت القطاع الصحي على صعيد ملف "كورونا"، فتمثلت في "عدم توفر المستلزمات الطبية، لا سيما المتعلقة بالفحص المخبري، ونقص أجهزة الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي".

وأضاف لـ "نوى": "تجاوزنا الأزمة بتوفير كميّاتٍ إضافية من الإسطوانات المحمولة، الخاصة بالأكسجين، عبر التعاون مع شركاء دوليين، ونجحنا بتوفير 6 محطات أكسجين إضافية".

وبخصوص الاحتياجات الصحية في ظل 2022م، يقول ظهير :  "ما زلنا بحاجة إلى محطات تغذية الأكسجين، ولأجهزة التنفس الصناعي، وأجهزة الأشعة المحمولة والمتنقلة، بالإضافة إلى العديد من المعدات وأدوات الصيانة الخاصة بمحطات الأكسجين، وأجهزة الأشعة، بالإضافة إلى الحاجة الأساسية لمزيد من الكوادر الطبية المدربة".

في الضفة الغربية دَفَعَ تزاحم المصابين بفايروس كورونا في المستشفيات الفلسطينية، تحديدًا خلال شهر مارس، فلسطينيين إلى إطلاق مبادرات لتوفير أجهزة توليد أكسجين لمن يستكملون مرحلة العلاج داخل بيوتهم.

وفي الضفة الغربية، وداخل عدة مدن وقرى،  دفَعَ تزاحم المصابين بفايروس كورونا (كوفيد-19) في المستشفيات الفلسطينية، تحديدًا خلال شهر آذار/ مارس، وما بعده، مواطنين فلسطينيين إلى إطلاق مبادرات لتوفير أجهزة توليد أكسجين لمن يستكملون مرحلة العلاج داخل بيوتهم.

وجاءت المبادرات الشبابية والمجتمعية التي انطلقت تزامنًا مع وصول المستشفيات الحكومية إلى "الخط الأحمر" من حيث عدد المرضى بفيروس كورونا، وكانت أشهرها مبادرة "نفس البلد"، التي انطلقت بتبرع من قبل 14 ألف فلسطينييًا في الضفة الغربية ينتمون إلى جروب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا بحد ذاته يعود فيشير إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي في حشد الدعم لكافة القطاعات الخدماتية، وعلى رأسها القطاع الصحي.

وحدات الإسعاف.. عبءٌ كبير

 بشكلٍ غير مسبوق، تغوّل المستوطنون وقوات الاحتلال في اعتداءاتهم خلال العام 2021م، حيث سجل معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)، ما يزيد على 900 اعتداء للمستوطنين، توزّعت على المحافظات المختلفة.

وخلّفت تلك الاعتداءات بشكلٍ متواصل، إصابات لدى المدنيّين الفلسطينيين.

وبالعودة إلى مدير صحة أريحا والأغوار طارق أبو هواش، فإن اعتداءات الاحتلال خلال العام 2021 كانت كثيفة جدًا، "مما أثّر على الخدمات الصحية التي تُقدمها طواقم وزارة الصحة الفلسطينية في المناطق المهمشة".

يقول لـ "نوى": "أحيانًا لم تتمكن طواقمنا من اجتياز الحواجز، وبالتالي تأخرت في تقديم الخدمات الصحية، خاصةً في ظل عدم توفر سيارات للإدارة الصحية، يمكنها التنسيق للوصول إلى المناطق المهمّشة في مناطق (ج)، ناهيك عن "تأخر الموظفين –معظم الأيام- عن ساعات الدوام، نتيجة الانتظار على الحواجز الإسرائيلية".

ومع إسدال الستار على العام 2021م، يبقى العدوان الإسرائيلي على غزة  خلال أيار/ مايو الماضي، أبرز الأحداث التي فاقمت من الضغط على الطواقم الطبية، واستنزفت مكونات القطاع الصحي في القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 عامًا.

فعلى مدار 11 يومًا، سقط أكثر من 200 شهيد، وآلاف الجرحى، في تكلفةٍ بشريةٍ كبيرة، عمّقت معاناة السكان القابعين تحت الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007م.

ويشير مدير عام الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة بغزة إياد أبو زاهر، إلى أن العدوان الأخير  الذي جاء بعد عدة مواجهات وحروب سابقة على قطاع غزة –بالإضافة إلى ملف كورونا-  شكّل عبئًا  كبيرًا على وحدة الإسعاف والطوارئ.

أبو زاهر: كانت  85%  من سيارات الإسعاف والطوارئ متهالكة، فآخر تبرع لسيارات الإسعاف  كان  في عام 2008م، وهذا جعل وحدة الإسعاف والطوارئ، تتحمل أعباءً تزيد عن حجم طاقتها خلال العدوان الأخير.

ويقول لـ "نوى": "كانت  85%  من سيارات الإسعاف والطوارئ متهالكة، فآخر تبرع لسيارات الإسعاف  كان  في عام 2008م، وهذا وضعٌ جعل الموظفين في وحدة الإسعاف والطوارئ، يتحملون أعباءً تزيد عن حجم طاقتهم".

ويوضح أبو زاهر الذي يأمل أن يتم التركيز خلال الخطة التشغيلية لعام 2022م، على تدريب الطواقم على التعامل بشكل متكامل مع الكوارث المختلفة، أنه بعد العدوان، ونتيجةً لمناشدات الوحدة، تم تلقي  دعم سخي من عدة جهات، حيث حصلت على سيّارات حديثة (بلغ عددها 35 سيارة إسعاف) متطورة، سيكون لها تأثير على "مأمونية الخدمة المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة". 

العجز في الأدوية يزيد على 40%

وخلال العام الذي أغلق أبوابه قبل أيامٍ عدة، وصلت نسبة العجز في الأدوية والبروتوكولات العلاجية الخاصة بمرضى السرطان في قطاع غزة إلى نحو 60%،  بينما يحتاج  50% إلى 60% من مرضى السرطان، للعلاج خارج القطاع لتلقّي العلاج الإشعاعي والكيماوي والمسح الذري، غير المتوفر في غزة، في وقتٍ يمنع الاحتلال مئات المرضى من السفر.

الأرقام السابقة أصدرتها وزارة الصحة بغزة في أغسطس/ آب الماضي، للحديث عن فئة واحدة من المرضى الفلسطينيين هم مرضى السرطان، بينما هناك قائمةٌ طويلةٌ من المرضى في غزة، يعانون بسب سياسة تقليص التحويلات الطبية الخارجية، لأسبابٍ سياسية، تضاف إلى تعنت الاحتلال.

وفيما تحدد مصادر طيبة في غزة،  نسبة التقليص في القطاع بما يزيد على 53%، تنفى مصادر طيبة تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، وجود أي انخفاض في أعداد التحويلات الطبية لمرضى قطاع غزة، المحولين للعلاج خارج المؤسسات الصحية الحكومية.

شبكة نوى، فلسطينيات: أبو مهادي: حالة العجز في توافر بعض الأدوية والمستلزمات الطبية تصل إلى 30%، ولا تشمل هذه النسبة احتياجات القطاع الصحي، من أدوية جائحة "كورونا"، وتوفير الطعومات اللازمة لمواجهتها.

في ذات السياق، تواصلت أزمة الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بوزارة الصحة خلال عام 2021م، كما الأعوام السابقة، فلا يزال لدى وزارة الصحة بغزة حالة عجزٍ مستمرة في توافر بعض الأدوية والمستلزمات الطبية تصل إلى 30%.

ولا تشمل تلك النسبة احتياجات القطاع الصحي، من أدوية جائحة "كورونا"، والمستلزمات الطبية الخاصة بها، وتوفير الطعومات اللازمة لمواجهة الجائحة، حسب ما يخبرنا مدير عام الصيدلة بالوزارة أشرف أبو مهادي.

ويبين أبو مهادي لـ"نوى" أنه خلال العام 2021م، كان العجز في الأدوية يزيد على 40% ، فيما العجز في المستهلكات الطبية يطارد الـ 30% .

ويتطرق أبو مهادي إلى أن الوزارة بغزة، وخلال 2021م، استطاعت أن توفر كافة الأدوية والعقاقير الخاصة بكوفيد -19، ضمن برتوكولات علاجية معتمدة على المستوى المحلي والدولي أيضًا.

وبسبب أزمة الأدوية، يعاني الآلاف من أصحاب الأمراض المزمنة في قطاع غزة، بسبب حرمانهم من تلقي وصفاتهم العلاجية التي تتم حسب المتابعة الشهرية. فعلى سبيل المثال: عانى مرضى الكلى بشكل كبير خلال العام الماضي بسبب فقدان هرمون "إيثروبيوتينا" المسؤول عن الحفاظ على مستوى الدم لدى المرضى.

وها هو التاريخ يسدل ستاره على عام جديد، بينما الأزمات الصحية تعصف بحياة الفلسطينيين، وتضعها على المحك إزاء أي تصعيدٍ أو أزمة أو مرض أو كارثة، وفي الوقت الذي يحاول فيه القطاع الصحي النهوض بعد كل ضربةٍ، يقف الاحتلال بقتامة سياسياته ليعرقل كافة الجهود التي ترمي إلى الوصول بكل محتاجي الرعاية الصحية إلى بر الأمان.. فهل يشهد العام الجديد تغيرًا؟ الأيام القادمة تجيب.

كاريكاتـــــير