شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م16:08 بتوقيت القدس

عيد غزة المؤجل ..لا البال هادئ ولا الحال هانىء

13 مايو 2021 - 11:24

غزة:

"وهل ظلّ إنسان في قطاع غزة يرغب في الاحتفال بالعيد، عن أي عيد يتحدث الناس وطائرات الاحتلال تجوب السماء كالقاتل الذي يتربّص بالضحية، بيوت غزة جنازات والحزن يخيّم على أجواء الوطن".

بهذه الكلمات وصفت الشابة رويدة العرعير من مدينة غزة استقبال أول أيام عيد الفطر في قطاع غزة الذي يشن الاحتلال الإسرائيلي عليه عدوانًا منذ أربعة أيام، خلّف 67 شهيدً حتى الآن بينهم 17 طفلًا و 6 نساء، ناهيك عن قصف أكثر من 1500 بناية ما بين كلي وجزئي، وتدمير عشرات الطرق والمرافق العامة والأبراج السكنية.

أجواء الحزن تخيّم على فلسطين حزنًا على الشهداء، بينما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد العام وتنكيس الأعلام حدادًا على الشهداء، واقتصار العيد على الشعائر الدينية المتمثلة بصلاة العيد فقط، فيما خلا قطاع غزة من هذه الأجواء تمامًا، إذ يتفادي الناس التجمّعات خشية تعرّضهم للقصف الإسرائيلي.

رويدة: تكبيرات العيد لم تُسمع فقد بدت خافتة، والأجواء حزينة والشوارع شبة خالية من الناس

"صبيحة أيام العيد اعتدنا الاستيقاظ على صوت تكبيرات العيد تنطلق من المساجد، ومعايدة الناس لبعضهم في الشوارع"، تقول رويدة التي تؤكد إن تكبيرات العيد لم تُسمع فقد بدت خافتة، والأجواء حزينة والشوارع شبة خالية من الناس، حتى الدكاكين التي اعتادت وضع ألعاب الأطفال على بواباتها حيث يقبل على شرائها الأطفال عادة في أيام العيد، لكن حتى هذه لم يحدث.

تضيف:"جهّزت أطفالي للعيد قبل رمضان، اشتريت لهم الملابس الجديدة، وها نحن نجلس في البيت نتابع الأخبار، حتى أنني طلبت من والدي وإخوتي عدم زيارتي خشية تعرضهم للقصف، فمن الذي يأمن مكر الاحتلال".

إسلام أبو عساكر هي الأخرى شابة تعيش في مدينة رفح جنوب القطاع؛ بينما يعيش أهلها في مدينة غزة شمالًا، هذا العيد مختلف تمامًا بالنسبة لها ولأطفالها الأربعة الذين كانوا بانتظار زيارة جدهم (والدها) واخوالهم.

تقول الشابة الثلاثينية:"العيد مناسبة مهمة لا نراه إلا مرتين في العام، قبل شهر رمضان اشتريت لأطفالي ملابس العيد، وهم في كل لحظة كانوا بانتظار زيارة أخوالهم ليفرحوا بها ويلعبوا على المراجيح التي تنتشر في الأعياد".

إسلام: الوطن في حالة حداد، والحزن يخيّم على الجميع، شهداء في كل المناطق، وبيوت مهدّمة وشوارع أصبحت كئيبة، عن أي فرح وعيد يتحدثون

ضرب الاحتلال فرحة الأطفال بزيارة أخوالهم، فإغلاق الطرق بين محافظات القطاع بسبب القصف الذي ما زال متواصلًا بما يشكّل خطرًا على كل من يتحرك، حال دون تمكن أهلها من زيارتها، تعقّب:"صحيح هم زاروني في شهر رمضان؛ لكن لزيارة العيد نكهة خاصة، فأنا أحب أن يتذوقوا الكعك الذي أعددته وأن أقدّم لهم الحلويات، العيد مناسبة أجواؤها تختلف عن الزيارات العادية".

"وهل هناك في غزة من لديه رغبة في الاحتفال والفرح؟"، تتساءل مستنكرة، الوطن في حالة حداد، والحزن يخيّم على الجميع، شهداء في كل المناطق، وبيوت مهدّمة وشوارع أصبحت كئيبة، عن أي فرح وعيد يتحدثون.

تضيف:"اكتفيت باتصال هاتفي من أبي وأمي وإخوتي للتهنئة، حاولت تعويض حزن أطفالي بشرح الأمر لهم، ولكن كيف أقنعهم بأنهم لن يلعبوا وباقي الأطفال في الشارع كما اعتادوا في الأعياد، وانهم لن يركبوا المراجيح التي لم تتوفر هذا العام، حتى إن توفّرت فمشاهد استهداف الاحتلال لأطفال كانوا يعلبوا على المراجيح في حرب 2014 ما زالت ماثلة، ومن غير الممكن المغامرة بحياة أطفالي".

أما بالنسبة للستينية أم أشرف الصعيدي التي تسكن مدينة غزة، فهي الأخرى لم تحتفل بالعيد هذا العام، واكتفت بمعايدة أبنائها وأحفادها، أما بناتها المتزوجات فكلهن عاديتهن عبر الهاتف فقط.

أم أشرف: فرحتنا حتمًا كُسرت حتى لو حاولنا التظاهر بأن للعيد بعض البهجة على الأقل من أجل الأطفال

تقول:"أعددت كعك العيد قبل العدوان الإسرائيلي بيوم، على أمل أن أرسل بعضه لبناتي المتزوجات مع والدهن يوم العيد، ها هو العيد أتى ولم يتمكن من زيارتهن، وهو مناسبة ينكسر القلب أن تمضي بهذا الشكل".

أم أشرف أيضًا سعت لمنع أحفادها من الخروج إلى الشارع للعب مع أطفال الجيران والذهاب إلى المراجيح التي تتوفر في أيام العيد، فالشوارع بدت شبه خالية والوضع مخيف، يخرجون إلى الدكان بشكل سريع وخجول يشترون بعض الحلوى ويعودوا للبيت.

تكمل:"ليست هذه الأجواء التي اعتدناها، فمن الذي سيفرح وفي كل بيت منطقة شهيد أو بيوت مدمرة، فرحتنا حتمًا كُسرت حتى لو حاولنا التظاهر بأن للعيد بعض البهجة على الأقل من أجل الأطفال، لكن من الذي سيفرح ورائحة الموت في كل مكان".

أم أشرف أيضًا لم يزرها إخوتها الذين يسكنون مدينة رفح جنوب قطاع غزة، توضّح:"زارني أحد إخوتي في شهر رمضان، والآخران طلبت منهم عدم الزيارة بسبب جائحة كورونا وخشيتي على صحتهم، على أمل أن أراهم في العيد، ولكن ها هو العيد أتى ولم يتمكنوا أيضًا من الزيارة، اتصلوا منذ الصباح، حزنت لحزنهم ولأنّي لم أراهم منذ مدة".

في قطاع غزة الواقع جنوب فلسطين، والذي يحاصره الاحتلال الإسرائيلي منذ 15 عامًا، ثمة 2 مليون إنسان يعيشون في بقعة جغرافية لا تزيد عن 365 كيلومترًا، يشن الاحتلال ضدهم عدوانًا تلو الآخر مخلفًا في كل مرة ضحايا ومباني مدمرة، هنا ثمة شعب يريد أن يعيش وينهض بعد كل عدوان، لكنه ما زال يلقي باللوم على عالم زالم لم ينتصر بعد للشعوب المقهورة، حتى إن أعيادهم باتت جنائز وما ذلك يحاولون القول كل عام وأنتم بخير.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير