شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م12:56 بتوقيت القدس

قلادةٌ تُشبهُ "روح" صاحِبَتها.. لا تصنَعُها إلا "شهد"

20 اكتوبر 2020 - 22:11

شبكة نوى، فلسطينيات: في إحدى زوايا غرفتها، ومقابلَ طاولةٍ مزحمةٍ بالكمّاشات ذات الأحجام والأشكال والاستخدامات المختلفة، وفوق عددٍ من عُلب الأحجار والخرز الملونة، تجلس شهد توفيق، تحاولُ تطويع سلكٍ من المعدن ليتناسب وتصميم القرط الجديد التي قررت إنجازه.

منذ ما يقاربُ عامًا ونصف، وجدت شهد نفسها وقد قررت أن لا تعمل إلا ما تُحب، فانخرطت في صناعة الإكسسوارات اليدوية (الأقراط، والأساور، والقلائد) بعد أن أنشأت صفحةً لترويج منتجاتها عبر تطبيق التواصل الاجتماعي "إنستغرام".

بدأت الحكاية قبل سبع سنوات، عندما انفرط عِقدٌ كانت أم شهد قد أهدتها إياه مرة. كان الأمرُ بمثابة "صدمة" لفتاةٍ شديدة التعلّق بقيمة الهدايا والذكريات، فلم تستسلم لفكرة أن العِقد لاقى حتفه، فقررت أن تحاول إصلاحه بأي ثمن.

"تجربةٌ وراء الأخرى، بالفعل أصلحتُ العقد، لكن المُخرَج النهائي، لم يكن هو ذاته عقد أمي! نفس أحجار العقد القديم، لكن التصميم مختلفٌ كليًا، وحقيقةً بدا أجمل بكثير مما كان عليه" تقول شهد لـ "نوى".

منذ ذلك الحين، بدأ الموضوع يثير اهتمام الفتاة، يلفتُ انتباهها أي إكسسوارٍ تالفٍ مُهمَل، سواءً عندها أو عند أمها أو عند أيٍ من صديقاتها، فتهمُّ إلى إصلاحه فورًا، وتدريجيًا وجدت نفسها غارقةً في تفاصيل هذه الهواية البديعة.

تضيف: "مع مرور الوقت، أصبحت صناعة الإكسسوارات تأخذ مكانها في حياتي، أشتري الأدوات اللازمة، وأخصُّ صديقاتي وأقاربي بهدايا من صنع يدي، كنتُ في كل مرةٍ أصنع فيها قرطًا أشاهد نظرات الإعجاب من صديقاتي، ومع تشجيع والدتي، وجدتني فعليًا أخطو أولى خطواتي في مشروعي الشخصي".

شهد التي كانت تعيش مع والدتها في مصر منذ عدة سنوات، قررت أن تعود إلى غزة لتعيش هنا، كان قرارًا صعبًا –تصفه- لكنها كانت مرتاحةً تمامًا له، إلا أن الأمر لم يخلُ من حالة ضغطٍ نفسيٍ مرّت بها لا تنكرُ أنها كانت دافعًا لإنجاز الكثير من الإكسسوارات في وقتٍ قياسي.

تردف: "بدأتُ مشواري مذ كنتُ في مصر مؤخرًا، وبتشجيعٍ قويٍ من أمي، ثم أنشأتُ صفحة لترويج منتجاتي، التي سبقتني إلى غزة بوقت، إذ بدأ أصدقائي في المدينة المحاصرة، بالتواصل مع الزبائن، وتسليم واستلام الإكسسوارات المطلوبة".

حرصت شهد قبل عودتها إلى القطاع، على شراء كمياتٍ كبيرةٍ من المواد الخام، بأشكالٍ مختلفةٍ مع "الكماشات" بأنواعها وأشكالها، خشية عدم توفرها بغزة، أو "ربما توفرها بأسعارٍ غالية"، وهذا –على الأقل- جعلها تبدأ بقوة في بقعةٍ يمكن أن تقف في طريق المشاريع فيها "عقبة صغيرة" فتحرم صاحبها الاستمرار والديمومة.

صناعة الإكسسوارات بالنسبة لشهد ليست عملًا وحسب، هي طاقةٌ من الجهد والتفكير تُبذل في سبيل الخروج بقطعةٍ لا تتكرر إلا مرةً أو مرتين، وهذا ما يميز عملها. تقول: "قد تمر أيام أو حتى شهر، دون أن أصنع قطعةً واحدة، الأمر ليس بهذه السهولة، أن تصنعي شيئًا يشبهك ويعبر عنك، في كل مرة يختلف عن سابقه، أمرٌ يستنزف الكثير من الوقت والطاقة".

وتستدرك: "قد تباغتني الفكرة فجأة وأنا نائمة، أو حتى وأنا في الشارع، أو مع أصدقائي، فلا يكون مني إلا أن أخرج عدة العمل وأبدأ بتطبيقها، فحقيبة العمل تصاحبني أينما كنت".

ما يميز القطع التي تصنعها شهد أن الزبونة بإمكانها تحديد اللون والطول والحجم، بخلاف القطع الجاهزة، التي تضطر غالبًا لشرائها كما هي، "ناهيك عن جودتها العالية وسعرها المنخفض" تعقب.

وكما الجميع تأثرت شهد وعملها بجائحة كورونا كما تروي: "كان من المقرر أن أشارك بمنتجاتي في معرضين، إلا أن جائحة كورونا عطّلت الأمر، كما كان من المقرر أن أنفذ تدريبًا لصالح إحدى المؤسسات، وتم تأجيله أيضًا بسبب الجائحة".

تطمح شهد إلى إنشاء محلٍ كامل، فيه جميع الأشكال من المواد الخام والأحجار والخرز، والسلاسل، "ليكون بمقدور أي زبونة اختيار كل الخامات التي تحتاجها القطعة"، تضيف: "أحب أن أصنع الإكسسوار الذي يعبر عن الشخص ويشبهه، كما أسعى لتطوير قدراتي في صناعة وتطويع المعدن، وهو ما يتطلب سفري لأخذ دورة متخصصة، وجلب أدوات معينة لتشكيل المعادن".

تبتعد شهد فيما تصنعه من إكسسوارات عن العمل التقليدي، حتى إنها تعمل حاليًا على تجميع الأحجار الصغيرة من شاطئ بحر غزة، وتعدُّ العدة لاعتمادها كمادةٍ خام، يمكنها استثمارها في صناعة إكسسوارات الصبايا.

لا تجد شهد نفسها إلا بين أدواتها، وتصل إلى قمة سعادتها، عندما تنتهي من إنتاج قطعة إكسسوار مميزة، وتطمح لأن تصبح صاحبة مصنع، بعد تعليم مجموعةٍ من الفتيات هذا الفن. "آمل أن تزين منتجات شهد رفوف جميع المحلات المختصة ببيع الإكسسوار داخل القطاع وخارجه، ربما يكون الحلم كبيرًا، لكنني مؤمنة بأنه لا محالة سيتحقق" تختم وهي تبتسم.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير