شبكة نوى، فلسطينيات: للتوضيح يا صاحب السمو،
الشعب الفلسطيني ليس متفاجئاً، لكننا حزينون، ولا ننسى أننا نشأنا على شجاعة وحكمة الأب المؤسس لدولة الإمارات، والدك الشيخ زايد الذي كان من أكثر أصدقاء فلسطين ولاءً. لقد أسس الشيخ زايد الإمارات العربية المتحدة انطلاقاً من فكرة "الوحدة: سبيل القوة والشرف، وان الانقسام هو السبيل الى الضعف".
الشعب الفلسطيني متيقظ لقوة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة خلال العقد المُنصرم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر في عام 2015، افتتاح التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي والمكاتب التجارية في أبو ظبي، واستضافة الإمارات العربية المتحدة فريق الجودو الإسرائيلي. في وقت لاحق من عام 2018، شارك دراجون إماراتيون في بطولة في إيطاليا باستضافة إسرائيل، وشاركت القوات العسكرية الإماراتية في مناورات عسكرية إلى جانب قوات الكيان الصهيوني في اليونان. في عام 2019، شارك وفد رياضي إسرائيلي في الأولمبياد الخاص بالإمارات، وشارك فريق رياضي إسرائيلي في بطولة جراند سلام للجودو في أبو ظبي، وتم عزف "النشيد الوطني" لدولة الاحتلال في الإمارات بعد فوز أحد لاعبيها بميدالية ذهبية في لعبة ال جي جيتسو. وفي عام 2020، بدأت دولة الاحتلال ببناء جناحها الخاص في معرض دبي إكسبو، ثم شارك رئيس بورصة دبي للماس في فعاليات أسبوع الماس العالمي في تل أبيب، اضافة لوزراء اسرائيليين قاموا بزيارات رسمية لأبو ظبي. ومؤخراً وصلت طائرة مباشرة من أبوظبي إلى مطار بن غوريون في تل أبيب تحمل مساعدات طبية دون علم الفلسطينيين.
ألا تسمي كل ما ورد أعلاه "تطبيعاً" يا صاحب السمو؟
سمو الشيخ، إن نص الاتفاقية المعلنة لم يذكر كلمة "ضم" ، لذا يرجى عدم تشويه الواقع.
للتوضيح، القضية الفلسطينية ليست قضية ضم. القضية الفلسطينية، سموكم، قضية احتلال وعنصرية واضطهاد وجرائم حرب وأسرى وشهداء وحرمان من أبسط حقوق الحياة والإنسانية! اليوم نحن نعيش الضم عمليًا De Facto نعاني من الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الكولونيالي الاستيطاني منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948. وقد خرج نتنياهو بمصطلح الضم هذا العام كتكتيك سياسي يشتت به العالم. المشكلة ليست الضم في حد ذاته، المشكلة تكمن في الاستعمار فهو أساس مشروع دولة إسرائيل اليهودية، المشكلة ان الشعب الفلسطيني لا يتمتع بالحقوق الإنسانية.
سمو الشيخ، نتنياهو وترامب بحاجة إلى انتصارات سياسية، حيث تستمر حظوظ ترامب وفقًا لاستطلاعات الرأي في الانخفاض مقارنة بمنافسيه الديمقراطيين، ويواجه نتنياهو عدم استقرار سياسي. بالإضافة إلى فيروس كوفيد 19 الذي أدى إلى ظهور منافسة دولية. نتنياهو وترامب يمارسان الدبلوماسية القسرية. بفضل دولة الإمارات العربية المتحدة، خرج نتنياهو إلى العالم وكأنه يقدم تنازلات، أي "بتعليق إعلان فرض السيادة" ثم مطالبة العرب والفلسطينيين تحديداً بتقديم تنازلات في المقابل، أوضح نتنياهو فور إعلان اتفاقكم أن ملف الضم وفرض السيادة لا يزال مطروحًا على طاولته!
الحقيقة هي أن إسرائيل وأمريكا استغلتا فكركم البراغماتي والخطر الإيراني بغض النظر عن التفاصيل، إنهما يمارسان دبلوماسية قسرية ضد الفلسطينيين بمساعدتكم سمو الشيخ.
يدرك الشعب الفلسطيني أن التطبيع موجود، هذه حقيقة قديمة. التطبيع متروك لكم ولكن ليس من حقكم تشويه الواقع وتضليل الجماهير وتحريف الأخبار. الإمارات العربية المتحدة تطبع بالفعل، وهذا من حقها كدولة، خروجكم للعلن يعكس عدم احترامكم لجامعة الدول العربية ولحقوق الفلسطينيين. فأفكار الشيخ زايد حول الوحدة والشرف ذهبت مع غبار الصحراء بعد وفاته.
قد تطمحون بلعب دور سياسي في المنطقة كوسيط للسلام وهنا وجب التنويه ان السلام والوساطة تتم مع طرفي الصراع وليس بإقصاء طرف لمصلحة الآخر. تريد الإمارات إبرام اتفاقيات ثنائية حول السياحة والطيران المباشر والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والصحة والثقافة والبيئة و Covid-19 وفتح مكاتب التمثيل الدبلوماسي. لكم كامل الحرية ان تتولوا شؤون سياستكم الداخلية ولكن ما ليس من حقكم هو تأطير هذه العلاقة وربطها بخدمة القضية الفلسطينية، لا يحق لكم تقديم الحقوق الفلسطينية كقربان لكم في معابد نتنياهو.
في الختام، هل تعتقد سمو الشيخ أن إسرائيل ستدافع عنكم من أي تهديد خارجي؟ هل تعتقد حقًا أن إسرائيل، الدولة التي تنتهك حتى اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ستحترم الاتفاقية معكم؟
سمو الشيخ، اذا كنت فعلاً تؤمن بالسلام مع اسرائيل، فهل نتوقع من سموكم مبادرة لدعم حل الدولة الواحدة حيث يعيش العرب الفلسطينيون بسلام وحقوق متساوية مع الاسرائيليين اليهود؟
ألا تدرك سمو الشيخ، أنه بدلاً من أن يتم ذكرك على أنك ذلك الذي أوقف الضم، مع انك لم تحقق ذلك ، فسوف يتم ذكرك في التاريخ على أنك الذي قدم شهادة حلال للاستيطان ونظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني؟
د. دلال عريقات: استاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.
____________
نقلًا عن صحيفة القدس