شبكة نوى/ فلسطينيات: "إجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح" بهذا المثل الشعبي الفلسطيني، بدأ الشاب عبد الله حميد (26 عامًا) قصته القصيرة المؤسفة.
شابٌ بحث عن عملٍ طويلًا، وجدَ وظيفة نادلٍ في مطعم، ثم فُصلِ بعد أشهر قليلة! لقد أغلق المطعم أبوابه، ككافة مطاعم ومقاهي القطاع أمام الرواد كإجراءٍ احترازي في مواجهة فايروس (كوفيد-19) الذي اجتاح العالم، وذلك بعد إعلان حكومة "غزة" حالة الطوارئ.
وشملت حالة الطوارئ المنشآت السياحية والفندقية، كونها تشهد ازدحامًا كبيرًا بالمواطنين سيما مع بداية موسم الصيف، ما عرضها لشلل تام في عملها، وأجبرها على تسريح العاملين فيها حتى تنزاح الغمة، "لا سيما وأنها تعاني أصلًا من ثالوث الفقر والحصار والعدوان"، وأخيرًا أزمة "كورونا".
ليس سهلا على عبد الله الجلوس بين جدران منزله دون أي مصدر دخل، رغم أن ما كان يتقاضاه من المطعم بالكاد كان يسد الحاجة "إلا أنه أفضل بكثير من لا شي".
ليس سهلا على عبد الله الجلوس بين جدران منزله دون أي مصدر دخل، رغم أن ما كان يتقاضاه من المطعم بالكاد كان يسد الحاجة "إلا أنه أفضل بكثير من لا شي"، يقول لـ "نوى": "ألف شيكل شهريًا، على هذا المبلغ اتفقت مع صاحب المطعم، وهذا متوسط الأجور في كل مطاعم القطاع، أدفعُ منها 500 شيكل إيجارًا لمنزلي، وأوفر مستلزمات المأكل والمشرب والحلب والحفاضات لأطفالي بالباقي".
وكان آخر راتب تقاضاه عبد الله، قبل 20 يومًا، بعد التزامه بالحجر المنزلي "وقايةً لنفسه وعائلته من الفايروس"، يعقب: "قد لا أقدر على توفير ثمن المأكل في الأيام القادمة، إذا استمر الحال هكذا ستبقى أفواهنا مفتوحة للهواء"، في الوقت نفسه، لا يستطيع الرجل البحث عن بديلٍ كون اسمه ما زال مدرجًا في ملف الموظفين لدى صاحب العمل في المطعم.
أعلنت الحكومة بغزة تخصيص مبلغٍ إغاثيٍ عاجل بقيمة مليون دولار، لصالح 10 آلاف أسرة من أصحاب الدخل اليومي.
مؤخرًا، أعلنت الحكومة بغزة تخصيص مبلغٍ إغاثيٍ عاجل بقيمة مليون دولار، لصالح 10 آلاف أسرة من أصحاب الدخل اليومي، الذين تأثروا من إجراءات حالة الطوارئ الحالية، وقالت إن وزارة التنمية الاجتماعية هي من سيتابع آلية الصرف.
الشاب أيمن جلال (30 عامًا)، هو الآخر سُرِّحَ من عمله بسبب الجائحة بعد أن كان يعمل نادلًا في أحد فنادق غزة، أكد أنه حتى الآن منذ بدء الأزمة، لم يتلق أي مساعدات تعويضية يمكن أن تساهم في حل ولو جزءٍ بسيط من أزمته المعيشية القاسية بعد أن أضحى "دون راتب".
"لم أكن أتوقع يومًا أنني سأترك العمل، لا أعلم كيف سأسدد التزاماتي؟ جميعها متراكمة على راتبي الذي لا يتجاوز (1500) شيكلًا".
يقول: "لم أكن أتوقع يومًا أنني سأترك العمل، لا أعلم كيف سأسدد التزاماتي؟ جميعها متراكمة على راتبي الذي لا يتجاوز (1500) شيكلًا، ولم يعد بإمكاني توفير حتى المأكل لأولادي، ولا إيجار المنزل، مما دفعني إلى تركه، والعيش برفقة والدي في غرفة صغيرة مع أسرتي المكونة من خمسة أفراد".
ويتابع: "والدي الذي يعمل موظفًا لدى حكومة رام الله، تكفَّل بالإنفاق على أسرتي لحين انتهاء هذه الجائحة، والعودة إلى عملي".
ووفق إحصائيات صادرة عن مركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن وباء "كورونا"، جاء في وقتٍ كان الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة يشهد فيه انهيارًا متسارعًا وغير مسبوق، إذ تفشت ظاهرة البطالة التي سُجلت بما نسبته (52%) في صفوف القوى العاملة، فيما سجل الفقر بنسبة (53%)، لتعاني نحو (70%) من الأسر في قطاع غزة، من انعدام الأمن الغذائي، ناهيك عن (80%) من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية.
العمصي: "عواقب وخيمة، قد تصيب أصحاب هذه المنشآت والعاملين فيها، في حال استمرت أزمة الطوارئ لفترةٍ أطول".
مدير عام إتحاد العاملين سامي العمصي، قال في لقاء مع شبكة "نوى": "إن الواقع الاقتصادي الفلسطيني داخل قطاع غزة، يمر بمرحلةٍ صعبةٍ جدًا، من وقت ما قبل الجائحة، وذلك بفعل الحصار الاسرائيلي، والفقر، وارتفاع نسبة البطالة" الأمر الذي أثر على كافة القطاعات الصناعية، والإنتاجية، والزراعية، والسياحية، والفندقة، والمطاعم، وخدمات النقل"، مردفًا بانفعال: "عواقب وخيمة، قد تصيب أصحاب هذه المنشآت والعاملين فيها، في حال استمرت أزمة الطوارئ لفترةٍ أطول، لا سيما أن القطاع مقبل على موسم الربيع، شهر رمضان، ومن بعده عيد الفطر، وغالبية هذه القطاعات تنشط في هذه المواسم".
وأكد العمصي على أن هذه الأزمة هي "مستحدثة"، ليس فقط على قطاع غزة، بل على حكومات العالم أجمع، وبالتالي فهي بحاجة لآليات واستراتيجيات جديدة، تخفف الضرر على كل من تأثروا سلبيًا بفعل هذه الجائحة".
وأشار العمصي إلى أنهم في الاتحاد، قدموا العديد من المقترحات لكلٍ من وزارة العمل والشركات الاستثمارية المختلفة، لإيجاد حلول من أجل تعويض المتضررين، "كتوفير فرص عمل مؤقتة لهم تحت بند البطالة، أو تقديم معونات عينية عاجلة لهم ولأسرهم، أو تخصيص مبالغ مالية لهم من المنح القطرية، أو من الممكن إنشاء صندوق إغاثي لهم" يزيد.
وبين أن هناك 100 ألف عامل من سائقي النقل تضرروا بسبب هذه الأزمة، إضافة لـ40 ألف عامل من القطاعات الأخرى، أضيفوا لربع مليون عاطل عن العمل كان قد تم إحصاءهم رسميًا قبل الجائحة، وأكثر من 5000 عامل في قطاع السياحة والفندقة سُرحوا من عملهم، داعيًا الشركات الاستثمارية والوطنية إلى مزيد من التكافل الاجتماعي.
المطاعم والفنادق، تكبدت خسائر فادحة خلال الأيام الماضية، بعد أن أغلقت كافة مرافقها وتم تسريح أكثر من 5000 عامل فيها.
صلاح أبو حصيرة رئيس هيئة المطاعم والفنادق السياحية بغزة، أكد بدوره على أن المنشآت السياحية التي تشمل المطاعم والفنادق، تكبدت خسائر فادحة خلال الأيام الماضية، بعد أن أغلقت كافة مرافقها وتم تسريح أكثر من 5000 عامل بها، ما أدى إلى انهيارها كليًا، وهي التي كانت تعتمد بالأساس على السياحة الداخلية.
ونبّه إلى أنهم بصدد إعداد استراتيجية لدعم هذا القطاع، من أجل تعويض العاملين وأصحاب المنشآت ماليًا وفنيًا، "وقد تواصلنا مع عددٍ المؤسسات المحلية والدولية لتكوين خطة كاملة من أجل حصر الخسائر".
وأضاف: "العامل وصاحب المنشأة أصابهما الضرر في آنٍ معًا، كلاهما في مركب واحدة، عملية التعويض ستكون منصفة، لكن لا يمكن إجبار صاحب العمل على تعويض العاملين، لأنه أيضا متضرر".