شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الخميس 30 مارس 2023م21:41 بتوقيت القدس

ماذا بعد فوز القفازات الناعمة في إيران !!!

29 مايو 2017 - 09:53
شبكة نوى، فلسطينيات:

بفوز حسن روحاني الحاسم والمستحق في الانتخابات الرئاسية التي فاقت نسبة المشاركة فيها 70%، يكون الشعب الإيراني قد اختار"القفازات الناعمة" في ظل القلق الشديد من المناخ العالمي المناهض لطهران والذي تقوده الولايات المتحدة، وبعد أن أذعن المرشد الأعلى علي خامنئي لصوت الشارع الإيراني، وقرر الوقوف على الحياد رغم دعمه الضمني "لإبراهيم رئيسي" مرشح الدولة العميقة أثناء الحملة الانتخابية. ويبدو أن تحذير روحاني الحرس الثوري وميليشيا الباسيج من التدخل في سير عملية الانتخابات ومطالبتهم بالبقاء في الثكنات، وأن يتركوا صناديق الاقتراع هي من تقرر من هو رئيس إيران القادم، قد وصل صداه إلى المرشد الذي لم يرغب بإعادة سيناريو الحركة الخضراء، والدخول في نفق الاحتجاجات والتظاهرات كما حدث في العام 2009 على وقع تدخل الحرس الثوري ومؤسسات الدولة في الانتخابات وتزوير نتائجها لصالح الرئيس أحمدي نجاد. وقد خاطب المرشد الإيرانيين بأنه لا يعنيه من يربح أو يخسر، ولكن المهم بالنسبة له هو كثافة المشاركة الانتخابية للتأكيد للعالم على تمسك الشعب الإيراني بولاية الفقيه ومتانة وحيوية النظام السياسي الإيراني وأنه يعمل بكفاءة على عكس أنظمة أخرى في المنطقة. وبحسب المراقبين فإن المعركة الرئاسية في إيران كانت هي الأشرس في تاريخ تأسيس الجمهورية الإسلامية قبل 40 عاماً، حيث تبادل المرشحون الاتهامات بالفساد والوحشية خلال المناظرات التي أذيعت على الهواء مباشرة. واتهم المرشح إبراهيم رئيسي، منافسه روحاني بأنه أهدر كرامة إيران حينما وقع على الاتفاق النووي، فيما دعا روحاني الشعب الإيراني إلى أن يختار بين القاضي والمحامي، في إشارة إلى رئيسي الذي كان قاضيا ومدعيا عاما لطهران وأصدر آلاف الأحكام بالإعدامات، والمحامي أي - روحاني - الذي يدافع عن مصالح الإيرانيين ومستقبلهم. وقد مثلت الانتخابات الرئاسية مواجهة حقيقية بين الجمهورية الرسمية والجمهورية الشعبية، حيث إن إبراهيم رئيسي من أبرز السياسيين الداعمين لإرسال مقاتلين إيرانيين ومستشارين إلى سورية والعراق واليمن، وحظي بدعم الحرس الثوري والتيار المحافظ في الانتخابات ومؤسسات الدولة العميقة ورجال الدين - وراهن على شرائح  الفقراء والمحرومين، حيث صاغ خطاباً شعبوياً مليئا بالحديث عن الدعم والسكن وتوفير الوظائف وزيادة الرعاية الاجتماعية والتأمين الصحي، وأعلن نفسه قائد حكومة الشعب، وكان مشروعه الاقتصادي يقوم على"الإرادة الجهادية" والعودة إلى سياسة الرئيس أحمدي نجاد التي أفرغت خزينة الحكومة الإيرانية نتيجة الدعم النقدي للفقراء مع العلم أن سعر برميل النفط في وقتها كان يتجاوز 100 دولار، ولذلك تمكن رئيسي من حصد معظم أصواته الانتخابية من الأرياف والأماكن النائية، في حين أن حسن روحاني القادم من قلب نظام الملالي، وهو الذي كان إلى جانب الإمام الخميني عندما نفي إلى فرنسا قبل الثورة الإسلامية في العام 1979، أصبح للمفارقة يجسد آمال الإيرانيين الليبراليين والإصلاحيين الذين يتطلعون إلى حريات أكبر وعلاقات جيدة مع العالم الخارجي، وقد حصر نجاحه في التوصل إلى الاتفاق النووي بقوة في الانتخابات، ورغم أن روحاني من نفس قماشة نظام ولاية الفقيه وهو يرى بالتوسع والنفوذ الإيراني في المنطقة حقا طبيعا للجمهورية الإسلامية، ويندرج في إطار الدفاع عن الطائفة الشيعية في العالم العربي، ونصرة للمظلومية التاريخية لها، غير أن روحاني وبرأي أي منصف يرى أن أولوية الحكم في إيران يجب أن تكون لرفاهية ومستقبل الشباب الإيراني وفك العزلة عن طهران والتعاون أكثر مع المجتمع الدولي على قاعدة فلنكسب وليكسب الآخرون. وهو يريد أن يقرأ السطر من الآخر: فبدلا أن تكون إيران كما يجري تعريفها بأن دولة تربح معارك وتخسر حروبا، وأنها شاطرة في التكتيك وفاشلة في الإستراتيجيات، يريد روحاني الآن أن تخسر طهران معارك وتربح الحروب وتحقق أهدافها. وربما يلخص تصريح نادر لروحاني جل مشروع الرجل الإصلاحي: "ماذا يعني أن نكون ثوريين، المهم هو راحة الشعب" وذلك ردا على المرشد الأعلى الذي طالب المجتمع والشباب ومجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء أن يكونوا ثوريين عقب فترة قصيرة من الاتفاق النووي، والمقصود هنا ثوريين ضد أميركا. حيث كان التحول داخل المجتمع الإيراني باتجاه عودة العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة، يعني انتهاء الثورة بالمفهوم الخامنئي، ويضعف نفوذ التيار المتشدد والحرس الثوري، كما أن تنامي المؤشرات بأن مسألة ضمان أمن إسرائيل لمدة 25 عاما، كانت في صلب المحادثات الإيرانية الأميركية، أحرجت المرشد الأعلى وهي المسألة الأخطر بالنسبة له وللنظام الإيراني الرسمي، لأنه في ذلك سقوط الخطاب الإيراني المقاوم في المنطقة القائم على العداء الأبدي لإسرائيل وأميركا وهو من أهم ركائز النظام. وقد بدا المشهد في إيران أقرب إلى الفصام، ففي حين كان العمال الإيرانيون يمسحون شعار الموت لأميركا من على جدران السفارة الأميركية في طهران، استعاد المرشد شعار "الشيطان الأكبر".  ولعله من مصادفات التاريخ أن تتزامن الانتخابات الإيرانية مع القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، ورأت مجلة نيويوركر أنه في الوقت الذي وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية لإطلاق تحالف شرق أوسطي جديد من أجل مجابهة وتحجيم النفوذ والطموحات الإيرانية في المنطقة، كانت طهران تعلن فوز روحاني بحصوله على نسبة 57 % من الأصوات. غير أن قمة الرياض حملت رسالة نهائية إلى إيران، بأنه لا ليونة أميركية وخليجية تجاه إيران، ما لم يتمكن الرئيس روحاني من نقل الخط الإصلاحي من الداخل الإيراني إلى الخارج - عمليا -، ويعيد النظر في التموضع الإيراني في سورية واليمن والعراق. فيما عقب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون على هذا الفوز بأن على روحاني أن يستخدم فترة رئاسته للبدء في تفكيك شبكة إيران الإرهابية ووقف تمويل تلك الشبكة. وعلى أية حال فإن إعادة انتخاب حسن روحاني لولاية ثانية يؤشر على استعداد إيران للتعامل مع العالم، وبداية لقطار التغيير العميق في إيران، ولكن لن يكون كافيا، حيث إن مغادرة إيران مربع الثورة وشعاراتها والدخول في مسار الدولة ليس بالأمر الهين في نظام يسيطر عليه ولاية الفقيه والحرس الثوري،وخصوصا إذا ما وضعنا في الميزان برقية التهنئة التي بعثها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني إلى رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة حماس إسماعيل هنية بعد فترة أقرب ما تكون إلى القطيعة على خلفية موقف حماس من الأزمة السورية بأن طهران تتطلع إلى عودة العلاقات القوية مع حركة حماس التي "تمثل تيار المقاومة المتجذر في الشعب الفلسطيني".

كاريكاتـــــير